(١ ب) بسم الله الرّحمن الرّحيم وصلّى الله على سيدنا محمد وسلّم.
الحمد لله الذي شرّفنا بحفظ كتابه، ووفّقنا لفهم منطوقه ومفهوم خطابه، ووعدنا على تبيين معانيه وإعرابه، بجزيل مواهبه وعظيم ثوابه، وهدانا بنبيّه المصطفى ورسوله المجتبى خير مبعوث بآياته، وبالقرآن وهو أعظم معجزاته، كتاب مجيد لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢) (١)، أذلّت بلاغته أعناق أرباب الكلام، وأعجزت فصاحته ألسنة فصحاء الأنام، فبسط المؤمنون يد الإذعان والتسليم، وأطلقوا ألسنتهم بالقول الصحيح السليم إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) (٢)، وقبض الكافرون يد الإنصاف وقيّدوا ألسنتهم بالخلاف، فخرجوا عن طرق الهدايات وحصلوا في شرك الضلالات، وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ (٣)، فلما وقعوا على داهية دهياء أجابوا عن فطنة عمياء، فقالوا بلسان الكلال والحصر: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) (٤)، أقعدتهم براعته ودهمتهم فصاحته، فأجابوا بلسان الباطل والمجنون (٥)، وقالوا: أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (٦)، أفحمتهم جزالة آياته ورمتهم سهام مغيّباته، (٢ أ)
_________
(١) فصلت ٤٢.
(٢) الحاقة ٤٠، التكوير ١٩. وفي د: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ وهي الآية ٧٧ من الواقعة.
(٣) البقرة ٢٥٧.
(٤) المدثر ٢٤، ٢٥.
(٥) من د. وفي الأصل: المجون.
(٦) الصافات ٣٦.