فتاهوا (١) في ظلمة معاند أو راعن وقالوا: هو كاهن. فيا عجبا كيف كلّت سيوف فصاحتها وعثرت فرسان بلاغتها، حتى نطقوا بكلام غير معقول، لا يرشدها
ولا يهديها عقول وأيّ عقول، ولكن كادها باريها، فالحمد لله على نعمة الهداية وله الشكر على السلامة من الضلالة والغواية.
وبعد فلمّا كان اللسان العربي هو الطريق السنيّ إلى فهم مفردات القرآن العزيز وتركيباته، وعليه المعوّل في معرفة معانيه وتدبّر آياته (٢)، وبحسب قوّة الناظر فيه تلتقط (٣) درر المعاني من فيه، يعرف ذلك من راض أبيّه وخاض أتيّة، وجب صرف العناية إلى ما يتعلّق به من علم اللسان من جهة مفرداته وتركيباته تصريفا وإعرابا، لكثرتهما تشعّبا واضطرابا جارين على قواعدهما مرتّبين على أصولهما، ليعرف الخطأ من الصواب، وينكشف القشر عن اللباب فيصير كالفقه إذا استخرج من قواعده واستنبط من أصوله وموارده، وقلّ من سلك هذه الطريقة من (٤) المعربين واقتعد (٥) غاربها من المحقّقين، إلّا الشيخ الفاضل [المحقّق] أثير الدين (٦) فإنّه ضمّن كتابه المسمّى ب (البحر المحيط) (٧) هذا (٨) الطريق وسلك فيه (٢ ب) سبيل التحقيق، وزيّف أقوال كثير من المعربين، وبيّن جيدها عن أصول المحققين. هذا مع ما له في علم
اللسان من الكتب العظيمة الشأن [جمع فيها
_________
(١) د: فتهاهوا. وهو تحريف.
(٢) د: وتدبيراته. وهو خطأ.
(٣) د. يلتقط.
(٤) د: إلى.
(٥) د: اعتقد.
(٦) أبو حيان النحوي محمد بن يوسف، ت ٧٤٥ هـ. (الدرر الكامنة ٥/ ٧٠، البدر الطالع ٢/ ٢٨٨).
(٧) طبع في ثمانية أجزاء.
(٨) د: هذه. والطريق: يذكر ويؤنث. (المذكر والمؤنث للفراء ٨٧).