ورشهم للقراء، أي هو الذي من بينهم لقبه ورش وكذا قوله فيما يأتي، وصالحهم أبو عمر هم وحرميهم والهاء في «بصحبته» لنافع، والمجد الشرف، والرفيع العالي، ومعنى تأثلا أي جمعا أي سادا بصحبة نافع والقراءة عليه.

ومكّة عبد الله فيها مقامه هو ابن كثير كاثر القوم معتلا
وهذا البدر الثاني أبو معبد عبد الله بن كثير المكي، مولى عمرو بن علقمة، تابعي وأصله من أبناء فارس، وكان طويلا جسيما أشمر أشهل يخضب بالحناء، قرأ على عبد الله بن السائب المخزومي الصحابي، وعلى أبي، وعلى مجاهد بن جبير ودرباس، على عبد الله بن عباس، على أبيّ وزيد بن ثابت، على النبي صلى الله عليه وسلم، ولد بمكة سنة خمس وأربعين في أيام معاوية، وأقام مدة بالعراق ثم عاد إليها، ومات بها سنة عشرين ومائة في أيام هشام بن عبد الملك، وله رواة كثيرة ذكر منهم راويين في قوله:
روى أحمد البزّي له ومحمّد على سند وهو الملقّب قنبلا
الأول: منهما هو أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة، وإليه نسب. قرأ على عكرمة، على إسماعيل، وعلى شبل بن عباد، على ابن كثير.
والثاني: أبو عمر محمد ولقبه قنبل، قرأ على أحمد القواس، على أبي الإخريط، على إسماعيل، على شبل ومعروف، وقرأ هذان على ابن كثير، وهذا معنى قوله: «على سند»، أي بسند، يعني أنهما لم يرويا عن ابن كثير نفسه، بل بواسطة هؤلاء المذكورين. وأصل السند في اللغة ما أسند إليه من حائط ونحوه، وسند الحديث والقراءة من ذلك.
وأمّا الإمام المازنيّ صريحهم أبو عمرو البصري فوالده العلا
وهذا البدر الثالث: أبو عمرو بن العلاء البصري المازني، من بني مازن كازروني الأصل، أسمر طويلا. والصريح الخالص النسب، واختلف في اسمه، فقيل: اسمه كنيته، وقيل زيان، وقيل غير ذلك، قرأ على جماعة من التابعين بالحجاز والعراق، منهم ابن كثير، ومجاهد، وسعيد بن جبير، على ابن عباس، على أبيّ، على النبي صلى الله عليه وسلم. ولد بمكة سنة ثمان أو تسع وستين أيام عبد الملك، ونشأ بالبصرة، ومات بالكوفة سنة أربع أو خمس وخمسين ومائة في خلافة المنصور أو قبله بسنتين، وله رواة كثيرة ذكر منهم راويا فرع منه راويين في قوله:
أفاض على يحيى اليزيديّ سيبه فأصبح بالعذب الفرات معلّلا
أفاض يعني أفرغ من فاض الماء، واليزيدي هو يحيى بن المبارك اليزيدي، عرف بذلك لأنه كان عند يزيد بن المنصور يؤدب ولده نسب إليه، والسيب العطاء، والعذب الماء الحلو، والفرات الصادق الحلاوة، والمعلل الذي يسقى مرة بعد أخرى، يعني أن أبا عمرو أفاض عطاه على اليزيدي، وكنى بالسيب عن العلم الذي علمه إياه، فأصبح اليزيدي ريانا من العلم.
أبو عمر الدّوريّ وصالحهم أبو شعيب هو السّوسيّ عنه تقبّلا
ذكر اثنين ممن قرأ على اليزيدي: أحدهما أبو عمر حفص بن عمر الدوري، والثاني أبو شعيب


الصفحة التالية
Icon