صالح بن زياد السوسي، والهاء في «عنه» لليزيدي، أي تقبلا عنه القراءة التي
أفاضها أبو عمرو عليه. يقال تقبلت الشيء وقبلته قبولا أي: رضيته.

وأمّا دمشق الشّام دار ابن عامر فتلك بعبد الله طابت محلّلا
وهذا البدر الرابع: عبد الله بن عامر الدمشقي التابعي، قرأ على المغيرة بن أبي شهاب عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وعلى أبي الدرداء عن النبي ﷺ وقيل: إنه قرأ على عثمان رضي الله عنه. ووصفه الناظم بأن دمشق طابت به محلّلا أي طاب الحلول فيها من أجله، أي قصدها طلاب العلم من أجله للقراءة عليه والرواية عنه، ولد قبل وفاة النبي ﷺ بسنتين بقرية يقال لها رحاب، ثم انتقل إلى دمشق بعد فتحها، ومات بها في يوم عاشوراء من المحرم سنة ثمان عشرة ومائة في أيام هشام بن عبد الملك، ذكر من رواته اثنين في قوله:
هشام وعبد الله وهو انتسابه لذكوان بالإسناد عنه تنقلا
هو أبو الوليد هشام بن عمار الدمشقي، قرأ على عراك المروزي وأيوب بن تميم، على يحيى الزماري، على ابن عامر. والثاني أبو عمرو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، قرأ
على أيوب على يحيى على ابن عامر. قوله: وهو انتسابه لذكوان يعني أن عبد الله بن ذكوان انتسب إلى جده ذكوان، قوله: بالإسناد عنه، أي عن ابن عامر، يعني أن هشاما وعبد الله نقلا القراءة عن ابن عامر بواسطة هؤلاء المذكورين شيئا بعد شيء، وهذا معنى قوله تنقلا.
وبالكوفة الغرّاء منهم ثلاثة أذاعوا فقد ضاعت شذا وقرنفلا
الغراء أي البيضاء المشهورة، قوله: منهم ثلاثة، أي في الكوفة ثلاثة من البدور السبعة وهم: عاصم وحمزة والكسائي، أذاعوا أي أفشوا العلم بها وشهروه، فقد ضاعت أي الكوفة أي فاحت رائحة العلم بها، شبهوا ظهور العلم بظهور رائحة الورد والقرنفل، لأن الشذا كسر العود والقرنفل معروف.
فأمّا أبو بكر وعاصم اسمه فشعبة راويه المبرّز أفضلا
هو عاصم بن أبي النجود وكنيته أبو بكر، تابعي قرأ على عبد الله بن حبيب السلمي، وزرّ بن حبيش الأسدي، على عثمان، وعلي، وابن مسعود، وأبي، وزيد، رضي الله عنهم على النبي صلى الله عليه وسلم، ومات بالكوفة أو السماوة سنة سبع أو ثمان أو تسع وعشرين ومائة أيام مروان الأخير. ذكر من رواته اثنين أحدهما شعبة ذكره في قوله فشعبة راويه المبرز أفضلا أي الذي برز فضله، يقال: إنه لم يفرش له فراش خمسين سنة، وقرأ أربعا وعشرين ألف ختمة في مكان كان يجلس فيه، ولما كان شعبة اسما مشتركا والمشهور بهذا الاسم بين العلماء هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج البصري ميز الذي عناه بما يعرف به فقال:
وذاك ابن عيّاش أبو بكر الرّضا وحفص وبالإتقان كان مفضّلا
ذاك إشارة إلى شعبة لأنه مشهور بكنيته واسم أبيه، ومختلف في اسمه فقيل شعبة وقيل غير ذلك.


الصفحة التالية
Icon