أهل خراسان وهم لا يعصونني.
وتمكن أبو مسلم الخراساني من إلحاق الهزيمة بجند عبد اللَّه بن علي في بلاد الشام، وفر عبد اللَّه من ميدان القتال حتى وصل إلى البصرة، واختفى عند أخيه سليمان بن علي، وكان قد وليها من قبل المنصور، واستولى أبو مسلم على ما في معسكر عبد اللَّه من مال وعتاد.
وثمة خطآن وقع فيهما عبد اللَّه بن علي تسببا في هزيمته:
أولهما: احتياله على قتل حميد بن قحطبة، والذي كان يعد من أعظم قواد الدولة العباسية، وكان قد انضم إلى عبد اللَّه، فلما وقف على مؤامرته للفتك به انضم إلى أبي مسلم الخراساني.
ثانيهما: قتله من كان في جيشه من الخراسانيين، مما أضعف قوته وأثار حفيظة من بقي معه من الجند، فلم يخلصوا له ولدعوته.
وذكر الطبري أن عبد اللَّه بن علي بايع أبا جعفر المنصور سنة ١٣٨ هـ حين كان أخوه سليمان لا يزال على ولاية البصرة، وأن سليمان لما عزل اختفى عبد اللَّه خوفًا على حياته، ثم ألح المنصور على سليمان بن علي وعيسى بن موسى بإحضار عبد الله وأعطاهما الأمان على ألا يسيء إليه، ولكنه أمر بحبسه، وقتل بعض أصحابه، ثم قتله سنة ١٤٩ هـ بعد أن حبسه تسع سنوات.
وهكذا قضى أبو جعفر على فتنة كانت خليقة أن تعصف بالدولة العباسية في مهدها، أو على أقل تقدير تفرق بين أفراد البيت العباسي وتشتت شمله.
القضاء على أبي مسلم الخراساني:
لعل من نافلة القول أن نذكر ما أنفقه أبو مسلم الخراساني من مجهود كبير في سبيل الدعوة العباسية، وإخراجها من رحم الظلم والاضطهاد إلى نور الخلافة والملك، وحسن بلائه في الحروب التي خاضها العباسيون ضد الأمويين، فذاك أمر يحتاج بسط القول فيه وإقامة الأدلة والشواهد عليه صفحات كثيرة تضيق عنها هذه الدراسة الموجزة.
وأحسب أن أبا جعفر المنصور قد أدرك أن رسوخ قدمه في الملك والحكم منوط بالقضاء على أبي مسلم الخراساني الذي مثل نفوذه المتزايد وإعجابه بما قدم للدولة