العباسية وإدلاله على رجالها خطرًا كبيرًا جديرًا بأن يحيل الخلافة العباسية ألعوبة في يد أبي مسلم يحولها كيف شاء.
والحق أن روح العداء بين أبي جعفر المنصور وأبي مسلم الخراساني قديمة، تسبق من غير شك ولاية المنصور للخلافة العباسية.
وهو عداء قد تلون في أكثر جوانبه بالمنافسة والتسابق في مضمار السياسة، ثم غدا حقدًا خالصًا وكرهًا مستحكمًا.
ولا مراء في أن تصرفات أبي مسلم الخراساني قد أوغرت صدر المنصور عليه، وحملته على أن يتربص به الدوائر ويغتنم الفرصة تسنح كي يتخلص منه. ولا بأس أن نذكر طرفًا من العداوة بين الرجلين حتى يتبين القارئ صدق كلامنا:
- تقدم أبي مسلم الخراساني على المنصور في طريق الحج، وعدم انتظاره إياه في طريق العودة عندما بلغه نبأ وفاة أبي العباس السفاح.
- بعد وفاة السفاح أرسل أبو مسلم إلى المنصور رسالة يعزيه فيها دون أن يهنئه بالخلافة.
- كان المنصور قد أمر الحسن بن قحطبة، والي الجزيرة، أن يلحق بأبي مسلم عند توجهه لمقاتلة عبد اللَّه بن علي في الشام، فكتب ابن قحطبة إلى وزير المنصور يقول: " إني قد رأيت بأبي مسلم أنه يأتيه كتاب أمير المؤمنين فيقرأه ثم يلقي الكتاب من يده إلى مالك بن الهيثم، فيقرأه ويضحكان استهزاء ".
- تجرأ أبو مسلم وقتل سليمان بن كثير الخزاعي أحد شيوخ الدعوة العباسية دون استشارة الخليفة.
- تحديه لأمر المنصور عندما صرفه عن ولاية خراسان وولاه الشام ومصر وقوله: " هو يوليني الشام ومصر، وخراسان لي "، واستمراره في السير إلى خراسان.
- تقديمه لاسمه على اسم الخليفة في رسائله.


الصفحة التالية
Icon