والجود، والتمجيد هو الوصف بذلك، وباللَّه التوفيق.
ثم أُجمع على أن قوله: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) أنه يوم الحسابِ والجزاءِ. وعلى ذلك القول: (أَإِنَّا لَمَدِينُونَ)، وقوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ) وهو الجزاء.
ومن ذلك قول الناس: " كما تدين تدان ".
وجائز أن يكون (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) على جعل ذلك اليوم لما يدان اليوم؛ إذ به يظهر حقيقتُه، وعِظمُ مرتبته، وجليلُ موقعه عند ربه.
وفي الآية دلالة وصف الرب بملكِ ما ليس بموجود لوقت الوصفِ بملكه، وهو يوم القيامة.
ثبت أن اللَّه بجميع ما يستحق الوصف به يستحقه بنفسه لا بغيره.
ولذلك قلنا نحن: هو خالق لم يزل، ورحيم لم يزل، وجواد لم يزل، وسميع لم يزل -وإن كان ما عليه وقع ذلك لم يكن- وكذلك نقول: هو رب كل شيء، وإله كل شيء في الأزل -وإن كانت الأَشياء حادثة- كما قال: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وإن كان اليومُ بعدُ غير حادثٍ. وباللَّه التوفيق.
* * *
قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)
وقوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ).
فهو -واللَّه أعلم- على إضمار الأَمر، أي: قل: ذا. ثم لم يجعل له أن يَستثني في القول به، بل ألزمه القول بالقول فيه. ثم هو يتوجه وجهين:
أحدهما: يحال القول به على الخبر عن حاله؛ فيجب ألا يستثنى في التوحيد، وأن من يَستَثْني فيه عن شَكٍّ يُستَثْنَى.
واللَّه - تعالى - وصف المؤمنين بقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا...) الآية.
وكذلك سئل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن أفضل الأعمال فقال: " إيمان لا شكَّ فيه ".


الصفحة التالية
Icon