فيه؛ لئلا يتكلم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا)، أي: داموا على ما هم عليه وثبتوا على كفرهم.
وقال قتادة: (وَأَصَرُّوا)، أي: صاحوا في وجوه الأنبياء - عليهم السلام - ردا عليهم، أو مغالبة في الدعاء؛ كقوله: (وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا)، أي: استكبروا عن طاعة اللَّه تعالى، وامتنعوا عن الإجابة لرسوله عليه السلام.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (٩)، ففي هذا إخبار أنه دعاهم إلى عبادة اللَّه تعالى في كل وقت تهيأ له من ليل أو نهار، ولم يقصر فيها، ودعاهم في كل وقت؛ رجاء الإجابة منهم.
ويحتمل (إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا)، أي: إذا بعدوا مني، وازدحموا وكثروا؛ فدعاهم جهارا؛ لتعمهم الدعوة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا) إذا قربوا منه وقلوا، فلما أدخلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم أعلن في الدعاء.
ثم جائز أن يكون الجهر والإسرار منصرفا إلى الدعوة، ويكون الإعلان إعلانا بالحجج وإظهارا للبينات، وإلى هذا يذهب أبو بكر الأصم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) فالاستغفار طلب المغفرة بما ذكر من قوله عَزَّ وَجَلَّ: (اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ)؛ فيكون هذا منه أمرا لهم بإتيان الإيمان الذي هو سبب المغفرة، لا أمرًا بسؤال المغفرة نفسه من اللَّه تعالى؛ إذ استغفار كل قوم يرجع إلى أحوالهم، فإذا كانوا كفرة، فهو إيمان باللَّه تعالى، وإن كانوا أصحاب ذنوب، فالتوبة إلى اللَّه تعالى، وإن كانوا مخلصين فمما سلف من ذنوبهم مما يعلمونها، ونحو ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (١٢) فيحتمل أنما قال هذا لهم؛ لأنهم كانوا في شدة عيش وضيق حال فوعد أنهم إن انتهوا عن الكفر، وأجابوا إلى ما يدعوهم إليه، غفر اللَّه لهم ذنوبهم، وأرسل