والكرم؛ إذ الأكرم هو الوصف بغاية الكرم؛ كالأعلم وصف بإحاطة العلم وكماله.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥):
جعل اللَّه - تعالى - القلم سببا به يحفظ، وبه يثبت، وبه يوصل إلى حفظ ما يخاف فوته ونسيانه من أمر دينهم ودنياهم، ما لو لم يكن القلم، لم يستقم أمر دينهم رلا دنياهم.
ثم قوله: (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ)، أي: علم الخط والكتابة بالقلم.
وكذا ذكر في حرف ابن مسعود وأبي وحفصة - رضي اللَّه عنهم -: (علم الخط بالقلم).
ثم أضاف التعليم بالقلم إلى نفسه.
وكذلك قوله: (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥) فهو يخرج على وجهين:
أحدهما: أن يكون أضاف ذلك إلى نفسه؛ لما يخلق منهم فعل تعلمهم.
ويحتمل إضافته إليه؛ للأسباب التي جعلها لهم في التعليم، واللَّه أعلم.
ثم ذلك التعليم بالقلم لأمته، لا لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه علمه إياه بلا كتابة ولا خط؛ حيث قال: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ)، ثم في تعليم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بلا قلم ولا كتابة آية عظيمة لرسالته، حيث جعله بحال يحفظ بقلبه بلا إثبات، ولا كتابة، ولا خط يخطه.
ثم قوله: (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) يحتمل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لقوله: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا)، وكقوله: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا)، وقوله: (مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ).
ويحتمل قوله: (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ): كل إنسان؛ كقوله: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧):
طغى بالغنى، أي: تكبر، وافتخر بما رأى نفسه غنية، وعلى هذا ما روي في الخبر