بما ذكرنا أنه أراد بالكافر المستأمن، لا الذمي. واللَّه أعلم.
وقوله: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ).
اخنلف في تأويله:
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو القاتل. إذا عفى له: معناه: عنه. فيتبع الولي بأخذ الدية بالمعروف، شاء القاتل أو أَبى.
احتج بما رُويَ عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في رجل اختصم إليه في قاتل أخيه، فقال: أتعفو عنه؟ قال: لا. قال: أتأخذ الدية؟ قال: لا. قال: أتقتله؟ قال: نعم ".
عرض عليه الدية، ولو كان غير حقه لم يعرض عليه.
وقال في بعض الأخبار: " ولي القتيل بين خيرتين: بين قتل وأخذ دية ".
وأما عندنا: تأويل قوله تعالى: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) ليس هو القاتل؛ لأنه يكون معفوا عنه؛ ولأنه لا يتبع أحدًا وهو المتبع، بل هو الولي؛ لأنه هو المعفو له، لا القاتل، حيث أمر بالاتباع بالمعروف؛ كأنه قال: من بذل له وأُعطيَ من أخيه شيء فاتباع بالمعروف؛ وذلك جائز في اللغة؛ العفو بمعنى البذل والإعطاء، على ما قيل: خذ ما آتاك عفوًا صفوًا، أي فضلًا. وكذلك رُويَ عن عبد اللَّه بن عَبَّاسٍ، رضيَ اللَّهُ عنه، أنه قال: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ)، أي: أُعطيَ له. والحق عندنا: هو القود، لا غير، على ما جاء عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " العمد قود إلا أن يعفو ولى المقتول "، وقد روي في بعض الأخبار: " إلا أن تفادى ". والمفاداة: هو فعل اثنين، فلا يأخذه إلا عن تراضٍ