أحدها: أنهم لما ارتكبوا تلك الزلات عظم ذلك عليهم، واشتغلت قلوبهم بذلك؛ لعظيم ما ارتكبوا عندهم، لم يخطر ببالهم عند سؤالهم المغفرة ستر ذلك على الناس، وكتمانها عنهم بعد أن أجاب اللَّه بالتجاوز عنهم في ذلك.
أو أن يقال: أراد بإفشاء ذلك وإظهاره إيقاظ غيرهم وتنبيههم في ذلك؛ ليعلموا أن الرسل مع جليل قدرهم، وعظيم منزلتهم عند اللَّه لم يحابهم في العتاب والتوبيخ بما ارتكبوا؛ فمن دونهم أحق في ذلك.
أو أن ذكر ذلك؛ ليعلموا أنه ليس بغافل عن ذلك، ولا يخفى عليه شيء، واللَّه أعلم بذلك.
وقوله: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا)، وقال: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)، وقال: (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)، فأعلمنا اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أن آدم نسي أمر ربِّه؛ فقال قوم من أهل العلم: أكل آدم من الشجرة وهو ناس لنهي اللَّه إياه عن أكلها، وكان أكله منها ظلمًا منه لنفسه وعصيانًا لربِّه، وإن كان فعل ذلك ناسيًا.
ثم إن اللَّه تفضل على أمة مُحَمَّد؛ فرفع عنهم في الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وقال قوم يعني قوله: (فَنَسِيَ) أي: ترك أمر ربه من غير نسيان، وقالوا: هذا كقول اللَّه: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم).
ولا ندري كيف كان ذلك.
وقال بعض أهل العلم: إن الخطأ والنسيان في الأحكام موضوع بهذا الحديث، فيقال: فما تقولون في قتل الخطأ: هل فيه الدية والكفارة؛ وما تقولون في رجل