وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ).
أي: لعلهم يوفقون للتذكير، ولعلهم يتقون، أي: لعلهم يوفقون للتقوى، ولعلهم يوفقون للشكر لأنه حرف شك هذا يحسن أن يقال، واللَّه أعلم، أو نقول: لكي يلزمهم التذكر والتشكر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ... (٢٧)
قَالَ بَعْضُهُمْ: خاطب به أهل مكة في تكذيبهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ومخالفتهم أمره في ألا يخرجكم من الأمن والسعة، كما أخرج أبويكم من دار الأمن والسعة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ) أي: احذروا دعاءه إلى ما يدعوكم إليه؛ فإنه يمنع عنكم في الآخرة الكرامة والثواب؛ كما أخرج أبويكم من دار الكرامة والمنزلة.
وقال أهل التأويل (لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ)، أي: لا يضلنكم الشيطان ويغويكم، كما فعل بأبويكم: أخرجهما من الجنة.
وقال آخرون: قوله: (لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ) بما تهوى أنفسكم، ومالت إلى شهواتها وأمانيها، كما أخرج أبويكم من الجنة بما هوته أنفسهما واشتهائهما، يحذرهم اتباع هوى النفس وشهواتها وأمانيها؛ فإن السبب الذي به كان إخراجهما هو هوى النفس وأمانيها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا).
يحتمل قوله: (يَنْزِعُ) أي: نزع، عنهما لباسهما وهذا في القرآن كثير يفعل بمعنى فعل.
ويحتمل على الإضمار؛ كأنه قال: أراد أن ينزع عنهما لباسهما؛ ليريهما سوءاتهما، وقد ذكر أن المفروض من الستر هو ستر العورة لا غير، احتيج إليه أو لم يحتج، وأمَّا غيره من الستر فإنما هو لدفع الأذى من الحر والبرد أو للتجمل، والمفتون بالشيء هو المشغوف به والمولع به.
يقول: لا يمنعنكم عن دخول الجنة، كما أخرج أبويكم من الجنة، وكان قصده ما


الصفحة التالية
Icon