ذكر من نزع اللباس وإبداء العورة وهو ما ذكر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ).
قيل: قبيله: جنوده وأعوانه، حذرنا إبليسَ وأعوانَه؛ بما يروننا ولا نراهم، فإن قيل: كيف كلفنا محاربته، وهو بحيث لا نراه وهو يرانا ومثله في غيره من الأعداء لا يكلفنا محاربة من لا نراه أو لا نقدر القيام بمحاربته وليس في وسعنا القيام بمحاربة من لا نراه؟ قيل إنه لم يكلفنا محاربة أنفسهم، إذ لم يجعل، له السلطان على أنفسنا وإفساد مطاعمنا ومشاربنا وملابسنا، ولو جعل لهم لأهلكوا أنفسنا وأفسدوا غذاءنا، إنما جعل له السلطان في الوساوس فيما يوسوس في صدورنا، وقد جعل لنا السبيل إلى معرفة وساوسه بالنظر والتفكر، نحو قوله: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ...) الآية، وقوله - تعالى -: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ) وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا) علمنا ما به ندفع وساوسه وهمزاته، وجعل لنا الوصول إلى دفع وساوسه بحجج وأسباب جعلت لنا، فهذا يدل على أن اللَّه يجوز أن يكلفنا بأشياء لم يعطنا أسباب تلك الأشياء، بعد أن جعل في وسعنا الوصول إلى تلك الأسباب، وإن لم يكن لنا وقت التكليف تلك الأسباب، من نحو: الأمر بالصلاة، وإن لم نكن على الطهارة؛ إذ جعل في وسعنا الوصول إلى الطهارة، ونحو الأمر بأداء الزكاة، وإن لم