عَلَى أَنْفُسِكُمْ...) الآية، وعلى ما أخبر أن الملائكة يسلمون عليهم؛ كقوله: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ)، وكقوله: (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا)، وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ): أي: ادخلوها بسلام لا يصيبكم مكروه؛ آمنين لا ينغصهم خوف ولا حزن، على ما أخبر (فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ). وقَالَ بَعْضُهُمْ: [.... ]. وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ (٤٧)
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو صلة قوله: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) أي: نزعنا ما في صدورهم من غل؛ الذي كان في الدنيا بالكفر؛ فصاروا إخوانا بالإسلام الذي هداهم إليه؛ فكانوا إخوانًا، ثم قيل لهم: ادخلوا الجنة بلا غلٍّ، وهو ما قال: (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا)، قد نزع من قلوبهم الغل في الدنيا، فصاروا إخوانا فدخلوا الجنة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) وفي الآخرة إذا دخلوا الجنة وتقابلوا واتكئوا على سرر، فعند ذلك ينزع الغل من قلوبهم، والمظالم التي كانت بينهم، فإذا كان هذا فهو بين أهل الإسلام.
وعلى ذلك يحتمل أن يكون كل من جفا آخر في الدنيا أن ينسى اللَّه ذلك منهم في الجنة؛ لأن ذكر الجفاء ينغص النعم التي فيها، وكذلك ما يكون بين الرجل وولده من الجفاء والعقوق - يجوز أن ينسى ذلك عليهم. وعلى ذلك ما روي عن عليٍّ رضي الله عنه؛ قال: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال اللَّه: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مُتَقَابِلِينَ): قَالَ بَعْضُهُمْ: يجعل اللَّه منازلهم بعضها مقابل بعض؛ فينظر بعضهم إلى بعض، ويزور بعضهم بعضًا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: يأمر اللَّه السرر التي هم عليها جلوس؛ ليكون بعضها مقابل بعض، إذا