قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: اعملوا لآل داود شكرًا؛ لأنه ذكر أنه ليس من زمان في ليل ونهار إلا ويكون من آل داود صائم بالنهار ومصل بالليل، أو كلام نحوه؛ فأمروا بالشكر لهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كأنه قال: اعملوا يا آل داود شكرًا، لما أعطيتكم من الملك والفضل.
(وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
أي: قليل من عبادي المؤمنين، والشكور كناية عن المؤمن؛ على ما ذكرنا في قوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) أي: لكل مؤمن، والله أعلم.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ: (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ)، أي: أذبنا له عين النحاس، والشكور هو الفعول، والفعول والفعال هما اللذان يكثران الفعل؛ فكأن الشكور هو الذي يعتقد الشكر لربه، ويشكر مع الاعتقاد؛ فيكون منه الاعتقاد والمعاملة جميعًا.
وقوله: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (١٤)
دل هذا على أن موته كان بحضرة أهله وبمشهد منهم؛ حيث ذكر: (مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) ثم يذكر بعض أهل التأويل أنه سأل ربه أن يعمّي على الجن موته؛ حتى يعلم الإنس (أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) - أعني: الجن - (مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ).
وبعضهم يقول: سأل ربه أن يعمي على الجن موته؛ حتى يفرغوا من بناء بيت المقدس، فدأبوا حولا يعملون، فلما فرغوا من بنائه خر سليمان ميتا من عصاه، وكان متكئًا عليها.
وبعضهم يقول: لما حضره الموت - وكان على فراشه في البيت - لم يكن على عصاه؛ فقال: لا تخبروا الجن بموتي؛ حتى يفرغوا من بناء بيت المقدس - وكان بقي عمل سنة - ففعلوا، فلما فرغوا من بنائه - خرَّ؛ فعند ذلك علمت الجن بموته، والله