الكتب؛ فإنه أدخل الألف واللام، فيكون لاستغراق الجنس.
ويحتمل أنه أراد به التوراة، كما قال أهل التأويل؛ إذ يجوز أن يذكر اسم العام ويراد به الخاص، وهو الواحد منهم.
ويحتمل أن تكون التوراة هي الكتاب الذي فيه عامة الأحكام، فإنه قيل: إن الزبور ليس فيه الحكم، إنما فيه التسبيح والتحميد، وكذا الإنجيل ليس فيه إلا أحكام قليلة، فيجوز أن يكون المراد: التوراة لهذا، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَالْحُكْمَ) قَالَ بَعْضُهُمْ: (وَالْحُكْمَ) أي: فهم ما فيه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَالْحُكْمَ): فقه ما في الكتاب؛ إذ الحكم الظاهر داخل تحت قوله: (الْكِتَابَ) وبين بقوله: (وَالْحُكْمَ) أنه أعطى الحكم الظاهر فيه، والحكم المستخرج منه بالاستنباط والاجتهاد، واللَّه أعلم.
ويحتمل أن يراد بالكتاب: هو ما يتلى فيما بينهم وبين ربهم، والحكم هو ما أمرهم فيه أن يحكموا فيما بين العباد واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالنُّبُوَّةَ) إنما ذكر النبوة؛ لأن النبوة كانت ظاهرة في بني إسرائيل، فإنه ذكر أن في بني إسرائيل كذا كذا رسولا ونبيًّا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) قد كان رزقهم من الطيبات ما ذكر من المن والسلوى، وغير ذلك من الطيبات، ما لا يحصى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) قد ذكرنا تفضيلهم على العالمين في موضعه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧) قَالَ بَعْضُهُمْ: (بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ) أي: آيات من الأمر.
وقيل: (بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ) أي: ما بين لهم من الحلال والحرام والشبه، ونبأ ما كان قبلهم، واللَّه أعلم.
ويحتمل (بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ) أي: بيان ما تقع الحاجة إليه من الأمر.
وعندنا (بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ) يخرج على وجهين:
أحدهما: (وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ) أي: بينات التكوين ودلالات لما جعل اللَّه لهم في نفس كل أحد من دلالات وحدانيته وألوهيته.