بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (٢٠).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا... (١٥) و (حُسْنًا)؛ كأنه قال: أمرنا الإنسان أن يحسن إلى والديه، فالحسن: هو اسم ما يقع بهم من البر، وهو المفعول، والإحسان هو اسم فعله الذي يفعل بهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا)، وقال في آية أخرى: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ)، وقال في آية أخرى: (حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا)، أي: إنها في أول ما حملت أحملت، حملا خفيفًا، فلما كبر أثقلت، وهو وصف الولد.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ)، وذلك في الأم؛ لأنها لا تزال تضعف وتوهن من أول ما حملت إلى آخر ما وضعت.
وقوله - تعالى -: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا) في أول ما تحمل تجد كراهة في نفسها إلى وقت وضعها.
والثاني: يشبه أن يكون على الجمع في الأم دون الولد على اختلاف الأحوال، وهو في الابتداء يخف عليها الحمل، ويثقل ذلك عليها إذا دنا وقت وضعها، وما ذكر من الوهن فهو ما ذكرنا أنها لا تزال تزداد ضعفًا فيها ووهنًا من أوّل حملها إلى وقت وضعها، وما ذكر من الكراهة فهو إذا تم حملها شق ذلك عليها، وكذلك الوضع، لا شك أن ذلك يشق عليها.
والتأويل الأوّل على التفريق في حال يرجع الوصف إلى الولد، وفي حال إلى الوالدة، والثاني يرجع ذلك كله إلى وصف الأم، وعلى التأويلين حصل التوفيق بين الآيات؛ لرجوعها إلى اختلاف الأحوال، فأمكن الجمع بين الكل في أحوال، والاختلاف إنما يكون في حال واحد، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: إن الآية نزلت في أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حملته أمه كرهًا؛ أي: بمشقة، ووضعته بمشقة، ثم وضعته على تمام ستة أشهر.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الآية نزلت في الحسن أو الحسين - رضي اللَّه عنهما - وضعته أمه على ما ذكر في المدة.
ثم منهم من يقول: الآية وإن نزلت في نازلة بعينها، لكن ما ذكر من الحكم فذلك في كل إنسان، وهو أن يكون الولد ثابت النسب من الأب بهذه المدة، فإنه روي عن عمر -


الصفحة التالية
Icon