يحرمه، مع أَن الديانة اليهودية قامت على إبطال السحر، الذي جاء به سحرة فرعون وحملتهم على الإيمان بالله، وقررت أن الساحر لا يفلح حيث أَتى.
ولما كان السحر يؤدي إلى الكفر. كما سيأتى، وكان اتهام الشياطين واليهود لسليمان بمزاولته يشينه، نفاه الله عنه بقوله: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾: فأكذبهم الله -سبحانه وتعالى- بهذا، ونزه سليمان - عليه السلام - عن عمل السحر الذي نسبه إليه أُولئك الشياطين، وتبعهم في ذلك اليهود الذين من شيمتهم تلويث الأنبياء، كما نلمسه في أسفار العهد القديم.
وفي الآية دليل على أَن من يستخدم السحر ويؤمن به؛ يكون من الكافرين؛ لأَن قوله تعال: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾: حجة على أن السحر: ضرب من ضروب الكفر.
وقد أطلق القول بكفر من يزاوله: العلامة التفتازانى.
ْولكن الشيخ أَبا منصور ذهب إِلى أن إطلاق القول بأن السحر كفر خطأ، وأَنه يجب التفصيل فيه، فإن كان فيه رد ما لزم من شروط الإيمان فهو كفر، وإلا فلا.
وعلى هذا، فالمراد من السحر الذي هوكفر: ما كان بالتقرب إلى الشيطان بالسجود له أَو لصنم أو غيره، أَو بالرُّقَى بعبارات فيها شرك بالله -تعالى- أَو نحو ذلك مما ينافى أصول العقيدة الإِسلامية؛ كاعتقاد الساحر أن ما يستعين به في سحره- مثل الجن والنجوم- لها قدرة ذاتية على النفع والضر.
وعقاب السحر الذي هو كفر: قتل الذكور وحبس الإناث وضربهن ما لم تقع منهم توبة وأما ما ليس بكفر - وفيه إِهلاك النفس- ففيه- حكم قطاع الطريق، ويستوى فيه الذكور والإِناث، وتقبل توبة صاحبه إِذا تاب. هذا رأى بعض الفقهاء.
والمشهور عن أبي حنيفة - رضي الله عنه -: أن الساحر يقتل مطلقا إذا علم أنه ساحر، سواء أَكان ذكرا أَم أنثى. وتقبل توبته إِذا تاب.
ومذهب مالك - رضي الله عنه - كما نقله القرطبي: أَن المسلم إِذا سحر بنفسه بكلام يكون كفرا، فإنه يقتل، ولا يستتاب، ولا تقبل توبته.


الصفحة التالية
Icon