٢ - ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾
﴿ذَلِك﴾ إشارة للبعيد الحسِّي. وقد يستعمل للبعبد المعنوىٌ للتعظيم، كما فى قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١)﴾.
وهي هنا إشارة إلى الكتاب؛ للإيذان ببعد منزلته علوًّا، أي ذلك الكتاب البعيد المدى في منزلته الرفيعة.
﴿الكِتَابُ﴾: بمعنى المكتوب، وهو القرآن الذي نتلوه، الموعود به -صلى الله عليه وسلم- في قوله جل شأنه: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٢)﴾ فأل فيه للعهد، أي ذلك الكتاب الذي وعدنا بإلقائه عليك، ويجوز أَن تكون للكمال، والمعنى: ذلك الكتاب: الكامل، في بلاغته وإِعجازه وتشريعه. أو ذلك الكتاب، أما غيره فلا.
﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾: لا شك فيه، أَى أنه ليس من شأنه أن يشك فيه، لنصوع حقائقه.
وإلا فهناك من المنكرين المعارضين من شك وشكَّك، وارتاب وأراب، فلم يعتبر ريبهم فيه ريبا. لأنه نشأَ عن الرين والحجاب الذي ختم الله به على قلو بهم.
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ | وينكر الفم طعم الماء من سقم |
والمتقي: من يتقي عذاب الله ويصون نفسه منه، بترك السيئات وعمل الصالحات.
وخص بهذا، لأنهم هم الذين ينتفعون بما في الكتاب من هداية إلى الصراط المستقيم، على حد قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ (٣). وأيضًا قوله جل شأنه: ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾ (٤)
ربما أنه مذكر للجميع وهاديهم ومنذرهم، فالتقييد بما ذكر، مراعاة لمحل الثمرة والفائدة أما غيرهم، فلم ينتفعون بالقرآن؛ لسُوء اختيارهم.
٣ - ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾:
(٢) المزمل: ٥
(٣) النازعات: ٤٥
(٤) آخر: ق