ذلك تعريض بإيمان أَهل الكتاب بها، فإنه غير مطابق، ولا صادر عن يقين، فاليقين: إنما يكون عن علم لا يعتريه شك قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ (١) وأهل الكتاب ليسوا كذلك.
وسميت الدار الثانية بالآخرة؛ لتأخرها عن دار الدنيا.
٥ - ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ... ﴾ الآية.
اسم الإشارة في ﴿أولئك﴾ عائد على المتقين الموصوفين بالصفات السابقة، فتكون تلك الصفات كلها ملحوظة مع المشار إِليه، والتعببر بقوله: ﴿عَلى هُدىً﴾: فيه إشارة إلى تمكن المتقين من الهدى، فكأنهم مستقرون عليه، وتنكير هدى لتعظيمه، وأكد هذا التعظيم بأنه صادر ﴿مِّن رَّبِّهِمْ﴾: أي بتوفيقه: ﴿قُلْ إنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى (٢)﴾ ﴿وَأولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾:
أي وأولئك الموصوفون بما تقدم هم -لا غيرهم- الفائزون عند الله بالسعادة الدائمة.
وأصل الفلح: الشق في الأرض، وهو عمل الفلاح، والمؤمنون قد شقوا طريقهم إلى الله، فوصلوا وفازوا يمرضاة ربهم، وعظيم ثوابه.
وتكرار اسم الإِشارة: ﴿أوَلئكَ﴾، للتنويه بشأْن المتقين المتصفين بهذه الصفات.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٧)﴾.
المفردات:
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ المراد بهم الذين جحدوا ما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأَصروا على ذلك.
(٢) البقرة: ١٢٠