(الْحَيُّ): المراد بالحي: الدائم الحياة، الذي لا يموت أبدًا.
(الْقَيُّومُ): الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه.
والوصفان، كالدليل على استحقاق الله للتفرد بالأُولوهية.
٣، ٤ - ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ (٣) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ... ﴾ الآيتان.
أي نزل عليك القرآن. وعبر عنه بالكتاب، للإيذان بأنه هو الكتاب المتميز، الذي ينصرف إليه هذا الاسم عند الإطلاق (١)، أو للإشارة إلى أنه مشتمل على ما فيه غيره من الكتب السماوية من المقاصد المشتركة بين الأديان فكأنه جنس الكتب السماوية (٢).
وعبر في جانب القرآن بالتنزيل، وفي جانب التوراة والإنجيل بالإنزال - كما سيجيء - لأن التنزيل للتكثير، والله نزل القرآن مفرقًا حسب الوقائع شاملًا لجميع شئون الحياة، فكان معنى التكثير حاصلا فيه. وأما التوراة والإنجيل فإنه - تعالى - عالج فيهما بعض شئون الحياة.
ومعنى تنزيل القرآن على الرسول بالحق، أنه - تعالى - نزله عليه ملتبسًا بالحق في جميع صوره: من توحيد لله وتنزيهه عن الصاحب والولد، وإخباره عن أحوال الأُمم السابقة مع رسلهم، وشهادته بنبوة محمد - ﷺ - وإخباره بأن أهل الكتاب يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل بأوصافه المميزه له، وما جاء به من العبادات والمعاملات والأخلاق، وأحوال الآخرة، فكل هذه الصور من الحق، جاء بها القرآن العظيم.
وكما نزله الله على رسوله بأنواع الحق التي ذكرناها، فقد نزله مصدقًا لما بين يديه، أي لما سبقه من الكتب السماوية التي أنزلها الله على رسله قبل محمد - ﷺ - أي موافقًا لها فيما اشتملت عليه من العقائد، وأُصول الأحكام. فكل ما يوجد في التوراة والإنجيل مخالفًا لما جاء فيه - كجعلهم لله صاحبة أو ولدًا أو غير ذلك، من العقائد وأُصول الأحكام - فهو من تحريف أهل الكتاب، وهو مردود على أصحابه.

(١) فأل فيه على هذا للعهد.
(٢) فأل فيه على هذا للجنس.


الصفحة التالية
Icon