﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)﴾
المفردات:
(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ): أي بَيَّنَ لعباده ذلك بالأدلة الواضحة. فكأن ذلك منه شهادة وأي شهادة. أما شهادة الملائكة وأُولي العلم فهي: إقرارهم بذلك.
(قَائِمًا بِالْقِسْطِ): أي قائمًا بالعدل في تدبير الكون..
التفسير
١٨ - ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ... ﴾ الآية.
لما ذكر الله في الآية السابقة أن الذين استحقوا حسن المآب هم الذين قالوا: ربَّنا إننا آمنا أتبع ذلك ببيان ما آمنوا به، وهو توحيد الله الذي شهدت به آياته القرآنية والكونية، وأقرت به الملائكة وأُولو العلم.
المعنى: هذه الشهادة موجهة إلى أهل نجران، الذين جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أمر عيسى عليه السلام، ونزل بسببهم صدر هذه السورة. وإلى هذا يميل محمد بن جعفر بن الزُّبَيْر.
وشهادة الله، المراد بها هنا: تقرير وحدانيته تعالى؛ بما أقامه من الأدلة في الأنفس والآفاق، وبما جاءَ في الكتب السماوية من البراهين، كقوله تعالى في القرآن: "لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا" (١) وبما أثبته فيها من عبارات التوحيد كقوله: "قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ" (٢). وقوله تعالى: "فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ" (٣). وكما شهد بأنه لا إله إلا هو، فقد شهد بذلك الملائكة الذين "لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" (٤). وكذلك أصحاب العلم والفكر السديد من الأنبياء والمرسلين، ومن آمن بهم، وكل من فكر في آيات الله الكونية فآمن به. هؤُلاء - جميعًا -
(٢) الإخلاص: ١.
(٣) محمد: ١٩.
(٤) التحريم: ٦.