ولا حب لله، إلا باتباع كتاب الله وسنة رسوله، عملا بهذه الآية وبقوله تعالى: "وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ" (١).
وأعلى درجات الحب لله: أن يحبه تعالى لذاته، ويتفانى في طاعته.. أما حبه لثوابه، لدرجته نازلة عن هذه المنزلة.
وإذا كافأَ الله عبدًا بحبه، عُرِف ذلك من حب عباده له.
ففي صحيح مسلم: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ إِذَا أَحبَّ عبدًا دعا جِبريلَ فقالَ: إِنِّي أَحِبُّ فلانًا فأَحبَّهُ. قال: فَيُحِبُّهُ جِبريلُ. ثم ينادِي في السماءِ فيقولُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فلانًا فأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّماءِ. قال: ثمَّ يوضَعُ له القَبولُ في الأرض. وِإذا أَبْغَضَ عبدًا دعا جبريلَ فيقولُ: إِني أُبْغِضُ فلانًا فأَبْغِضْه. قال: فيُبْغِضُهُ جِبريلُ. ثم يُنادي في أَهْلِ السَّماءِ: إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ فُلانًا فأَبْغِضُوهُ. قالَ: فيُبْغضُونَهُ، ثَمَّ تُوضَعُ لَهُ البَغْضَاءُ فِي الأَرضِ".
٣٢ - ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾:
المعنى: قل لهم يا محمد، أطيعوا الله والرسول في جميع الأوامر والنواهي، فإن أعرضوا عن ذلك، فإن الله يبغضهم ولا يحبهم، لتوليهم وإعراضهم عن طاعة الله ورسوله.
وإطلاق وصف الكافرين على المعرضين عن طاعة الله ورسوله - لأن من تولى وأعرض بقلبه، فهو نافر من شرع الله كاره له. فيكون بذلك كافرا، والعياذ بالله تعالى.
أما لو كان تَولِّيه وإعراضه مجرد ترك لما أُمر به، اتباعا لشهواته - مع اعتقاده أن ذلك حرام، وأنه مذنب فيما يفعل، ومقصر في حقه تعالى - فإن الكفر بالنسبة له كفر للنعمة، وعدم قيام بشكرها. أو هو من باب التنفير من المعصية. وفي كلتا الحالتين، يكون تارك الاتباع محروما من حب الله تعالى، لأن الله سبحانه لا يحب من عصاه بكفر أو فجور.
﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)﴾