المفردات:
(هُنَالِكَ): أي في ذلك المكان حيث هو قاعد عند مريم في المحراب، أو في هذا الوقت الذي رأي فيه من الكرامات ما رأى، على غير المألوف. وهنالك: يشار به إلى المكان والزمان.
(مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ): المراد بكلمة الله، عيسى عليه السلام، حيث جاءَ بقوله تعالى: (كُنْ) من غير توسط أب.
(وَحَصُورًا): الحصور، الذي لا يباشر النساء. أو هو الذي يمنع نفسه من المعاصي.
(بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ): أدركتني الشيخوخة.
(وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ): عقيم لا تلد، من العَقْر وهو القطع، لقطع أولادها.
(أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ): أي لا تقدر على كلامهم من غير آفة.
(إِلَّا رَمْزًا): إلا إشارة.
(بِالْعَشِيِّ): هو من الزوال إلى الغروب. وقيل: من العصر إلى ذهاب صدر الليل.
(وَالْإِبْكَارِ): أي وقت الإبكار وهو من الفجر إلى الضحى.
التفسير
٣٨ - ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾:
هذه قصة مستقلة. سيقت في أثناء قصة مريم، لأنها - مع ارتباطها بها - مقررة لها، بما فيها من عجيب قدرة الله مثلها.
والمعنى: أن زكريا، لما وجد عند مريم رزقًا عظيمًا، وتحقق أنه من عند الله تعالى: لا يأتيها به أحد من الناس - قال في نفسه: إن الذي جاءَ مريم بذلك الرزق، لَقَادِرٌ على أن يصلح لي زوجتي، ويرزقني منها ذرية.. فعند ذلك، قام في المحراب وابتهل إلى الله تعالى قائلا: رب هب لي من عندك ذرية طيبة مباركة صالحة، إنك كثير الإجابة لمن يدعوك.
وهنالك: وإن كان يشار به إلى المكان البعيد، إلا أنه قد يستعمل بمعنى: في تلك الحال مجازا، كما تقول: من هنالك، قلنا: كذا. أي في تلك الحال كذا. ومن هذه الجهة، قلت: كذا. ذكره الزجاج.
وقد علل زكريا طلبه بقوله: (إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ): وأصله بمعنى: كثير السمع للدعاء، ولكنه أُريد منه هنا مجازا: إنك كثير الإجابة لمن يدعوك. فهذا هو الأكثر مناسبة للتعليل.
٣٩ - ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾: