والجواب: أن ذلك في عالم الدنيا المعرض للفساد، أما الآخرة فالأمر -في تكوين الأجسام فيها- مختلف عنه في الدنيا، فالأجزاء فيها متلازمة لا ينفك بعضها عن بعض، ولا يعتريها التغير والتحلل.
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (٢٦)﴾
المفردات
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا﴾: أي لا يترك ضرب مثل. وضربالمثل: استعماله فما ضرب له، أي: فيما ذكر له.
﴿بَعُوضَة﴾: البعوضة واحدد البعوض، وهو ضرب من الذباب معروف، وهو من البعض، آى القطع. يقال: بعضه البعوض، عضه وآذاه. ولا يقال في غير البعوض.
ذكره صاحب اللسان. ﴿فَمَا فَوْقَهَا﴾: أي فالذي فوقها. والمراد بالفوقية: الزيادة في الحجم،
كالذباب والعنكبوت، أو الزيادة في المعنى الذي أريد بالتمثيل، أعني: الحقارة والهوان.
﴿بهذاَ مَثَلًا﴾: أرادوا بكلمة ﴿هَذَا﴾: تحقير ما يشيرون يها إِليه، وهو البعوض والذباب ونحوهما، مما يضرب مثلا. ﴿إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾: أي الخارجين عن طاعة الله. والفسق لغة: الخروج، ومنه: فسقت الرطبة عن قشرها، أي خرجت عنه.
التفسير
٢٦ - ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا... ﴾ الآية.
روى عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما (أنَّ الله تعالى لما ضرب هذين المثلين - يعني
قوله: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ وقوله: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ الآيات الثلاث.