وميثاقه على الذين أوتوا الكتاب بمثل ذلك بقوله ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ... ﴾ (١)
والعهد الذي يأخذه بعض الناس على بعض، المشار إليه بقوله: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ... ﴾ (٢).
وسواء أكان ذلك بين الأفراد، ام الجماعات من إلامة الواحدة، أَو بين الأُمم بعضها مع بعض. فلا يجوز نقض هذه العهود إِلا فيما جاز شرعًا.
وقد أشار القرآن إلى هذا في قوله لنبيه- صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ... ﴾ (٣) وسيأتى شرحها في سورتها.
وقوله: ﴿من بَعدِ مِيثَاقِهِ﴾: أَي من بعد توثيقه وتمامه بين المتعاهدين.
﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾: هذه هي الصفة الثانية من صفات الفاسقين الخارجين على أمر اقه تعالى، أَي ويقطعون ما أَمر اللهُ بوصله من أمور الدين المختلفة.
ويدخل تحت هذا الأمر: صلة الأرحام، وصله الأعمال بالأَقوال، وصلة الإِيمان بجميع الأنبياءَ، بحيث لا ينقطع هذا الإِيمان بواحد منهم بالكفر به. وكذلك صلة الأُخوة بين المؤْمنين، وصلات المؤْمنين بالمجتمع الإِنساني، وَوَصْلُ أُمور الدين بعضها ببعض، إذ التهاون في بعضها، يضعف من قوة الدين. فإِن بناءَ الإِسلام، قائم على أَركانه كلها، كالبيت يقوم على أَعمدته، وهدم ركن منها -أَو جزء من تكوينه- يؤَثر في الهيئة الكلية، كما يتأَثر البيت بهدم ركن من أَركانه أو جزء من تكوينه.
وقوله تعالى: ﴿وَيُفْسِدُونَ في الْأَرْضِ﴾ هو الصفة الثالثة للفاسقين.
والإفساد في الأَرض، ضد إصلاحها، وقد صلحت بنشر دعوة الإِسلام، وضعُفَ ما كان فيها من فساد الجاهلية، فيكون من الإِفساد في - الأَرض: صدٌّ الناس عن الإيمان بالرسول -كما يفعله الكافرون- والعملُ على تهييج الحرب بين المؤمتين رغيرهم، كما يفعله المنافقون.

(١) آل عمران من الآية: ١٨٧
(٢) النحل من الآية: ٩١
(٣) الأنفال من الآية: ٥٨


الصفحة التالية
Icon