وقيل: غير ذلك.
والأَولى إحالة ذلك إلى الله تعالى، وكل تأْويل فى ذلك رجم بالغيب.
وقد ترتب على هذه الزلة ما أشار الله إليه بقوله: ﴿فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾: أي من النعيم الذي كانا فيه، بعد أن تم الابتلاءُ والوقوع في الزلة؛ ليتحقق ما كان مقدرا في علم الله تعالى ومرتبا على هذه الزلة، مِن هبوط آدم ليكون خليفة في الأرض، فصدر أمر الله بالهبوط إليهما، ومعنى قوله: ﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾: اهبطوا حال كون بعض أولادكما عدوًّا للآخر؛ بما ركزه الله فيهم من غرائز صالحة لاخير والشر، يسشغلها الشيطان فيوسوس لهم ويزين القبيح حسنا، فتندفع الغرائز نحو البغي والعدوان على الناس، إلا من اعتصم بالشرع وحكَّم العقل، فكان من المخلصين، كما قال تعالى: ﴿... وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (١)﴾.
والضمير في ﴿اهْبِطُوا﴾ لآدم وحواه، بدليل ما جاء في لآية أخرى ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا... ﴾ (٢) وضمير الجمع منظور فيه إلى ذرياتهما في ضمنهما، فكانهما الجنس كله، أولَهُمَا ولإبليس بعد ما دخل للوسوسة. وكان قد طرد منها قبل ذلك.
أَما القول بأنه راجع إليهما، وأريد بالجمع ما فوق الواحد، فليس حسنا، فإن آدم لم يكن عدوًّا لحواء.
﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾:
أي لكم فيها استقرار أو موضع استقرار، ﴿وَمَتَاعٌ﴾: أي تمتع بالعيش وانتفاع به
﴿إِلَى حِينٍ﴾:- هو حين انتهاء آجالكم بالموت.
واعلم أن النهى عن الأكل من الشجرة، ثم الأكل منها بإغواء إبليس، كان مقررا في العلمِ الأزلي، ولكن ترتيبه عليه في الوقوع، كان من ربط المسببات بأسبابها، ابتلاءً وتحقيقًا لمشيئة الله تعالى.
(٢) طه من الآية: ١٢٣