- عليه الصلاة والسلام -: والله ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن - وفي رواية ما أراك إلا قد حرمت عليه - فقالت: ما ذكر طلاقا، وجادلت رسول الله - عليه الصلاة والسلام - مرارا، ثم قالت: اللهم إني أشكو إليك شدة وحدتي وما يشق عليّ من فراقه.
وفي رواية قالت: أشكو إلي الله - تعالي - فاقتي وشدة حالي، وأن لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلي السماء وتقول: اللهم إني أشكو إليك، اللهم فأنزل على لسان نبيك، وما برحت حتى نزل القرآن فيها، فقال صلى الله عليه وسلم: يا خولة أبشري فقالت: خيرًا. فقرأ عليها - عليه الصلاة والسلام - (قَدْ سَمِعَ) وكان عمر - رضي الله عنه - يكرمها إذا دخلت عليه ويقول: قد سمع الله تعالى لها.
روي ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات: أنها رأته - رضي الله عنه - وهو يسير مع الناس، فاستوقفته فوقف لها ودنا منها وأصغى إليها ووضع يده علي منكبيها حتى قضت حاجتها وانصرفت، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين حبست رجال قريش علي هذه العجوز قال: ويحك أتدري من هذه؟ قال: لا، قال: هذه امرأة سمع الله لشكواها من فوق سبع سموات. هذه خولة بنت ثعلبة، والله لو لم تنصرف حتى أتى الليل ما انصرفت حتى تقضي حاجتها (١).
وفي رواية أخري: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - والناس معه على حمار، فاستوقفته طويلا ووعظته وقالت: يا عمر قد كنت تدعي عُميرا، ثم قيل لك: عمر، ثم قيل لك: يا أمير المؤمنين، فاتق الله يا عمر، فإنه من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب - وهو واقف يسمع كلامها فقيل له: يا أمير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف؟ فقال: والله لو حبستني من أول النهار إلي آخرة، لا زلت إلا للصلاة المكتوبة، أتدرون من هذه العجوز؟ هي خولة بنت ثعلبة، سمع الله قولها من فوق سبع سموات، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر. (٢)
(٢) حكاه القرطبي.