وقال: "أتدرون ما قال هذا؟ " قالوا الله ورسوله أعلم، قال: كذا ردوه عليّ، فردوه قال: "قلت السام عليكم؟ " قال: نعم، فقال النبي ﷺ عند ذلك: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: عليك ما قلت".
وقال الله - سبحانه -: (حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ)؛ لأنه الله يحييه بالسلام في مثل قوله تعالى (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) وقوله (وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) وبما جاء في التشهد: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته" والتعبير بذلك للإيذان بشناعة ما قاله اليهود لمن اصطفاه الله للرسالة وسلم عليه، ويقول هؤلاء اليهود: لو كان محمد نبيا لعذبنا الله بما نقول فهلا يعذبنا، وقد فات هؤلاء الجاهلين أن الله تعالى يعصى بكل المعاصي ومنها الكفر به ولا يعذب أولئك العصاة عذابا عاجلا ولا يقطع عنهم الرزق وكم من نبي أسيء إليه من قومه، لم يعاجلهم الله بالعقوبة، وهذا مقرر ومعروف لديهم (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ) عذابا يدخلونها ويصطلون بها (فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) جهنم، فهي شر وأشد من عذاب الدنيا، وصدق الله تعالى إذ يقول: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) (١).
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٠)﴾

(١) سورة إبراهيم، الآية ٤٢.


الصفحة التالية
Icon