نزلت حين طلب الصحابة منه ﷺ أَن يقسم بينهم أَموال بني النضير قسمة الغنائم كما حدث في بدر، فبين الله - تعالى - أنها فيءُ لا غنيمة إِذ إِنهم لم يقطعوا لها شقة، ولم يلقوا فيها مشقة، ولم يلتحموا فيها بقتال شديد، بل ذهبوا إِليها رجالًا، وكانت على ميلين من المدينة، وفتحت صلحًا، فهي للرسول خاصة يتصرف فيها كما أَمره الله سبحانه.
والمعنى: ما رجع إِليكم وحصلتم عليه من أَموال بني النضير بعد رحيلهم عنها فهي لرسول الله ﷺ خاصة يتصرف فيها حسبما شرعه الله تعالى، فقد أَخرج البخاري ومسلم وأَبو داود والنسائي وغيرهم عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه -: قال: كانت أَموال بني النضير ممَّا أَفاءَ اللهُ على رسوله ﷺ ممَّا لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، وكانت لرسول الله ﷺ خاصة يتفق منها على أَهله ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع، عدة في سبيل الله يعطي منها من يشاءُ، ولذلك آثر المهاجرين بها ولم يعط الأَنصار شيئا عدا ثلاثة لفقرهم كما قال الضحاك.
وخصت به ﷺ لأَنها حصلت لكم صلحًا، فلم تحصلوها بكد اليمين، وعرق الجبين ولم توجفوا على الوصول إِليها خيلًا ولا ركابًا، بمعنى أَنكم لم تدفعوها دفعًا شديدًا لغزو بني النضير وإِنما ذهبتم إِليها رجالًا ما عدا النبي ﷺ لقرب ديارهم من المدينة، وفيما ذكر إِشعار بأَن هذه الأَموال حرية بأَن تكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإِنما وقعت في أَيديهم بغير حق. فأَرجعها الله إِلى مستحقها، من فاءَ الظل: إِذا رجع، وكذلك شأن الفيءِ من أَهل القري غير بني النضير فقيل: يسدس كظاهر الآية، ويصرف سهم الله في عمارة الكعبة، وسائر المساجد، والمصالح العامة وقيل: يخمس وهو الصحيح وذكر الله للتعظيم، ويصرف سهم الرسول بعد وفاته إلي إِمام المسلمين على قول، وإِلى العساكر والثغور على قول، وإِلى مصالح المسلمين على قول.
وحاصل المعنى: أَن فيءَ أَهل القرى يقسم إِلي خمسة أَسهم، فيصرف سهم منه لله وللرسول وذكره تعالى للتيمن والتبرك فإِن لله ما في السموات والأَرض كما روى عن ابن عباس والحسن عن محمد بن الحنفية، وفيه تعظيم لشأن الرسول صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon