فالتابعون بإحسان الذين هاجروا بعدما قوي الإسلام، أَو المتبعون لآثار المهاجرين والأَنصار الحسنة، وأَوصافهم الجميلة، الداعون لهم في السر والعلانية إِلي يوم القيامة، وهذا ما يشير إِليه قوله - سبحانه: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ... ) الآية لمدحهم بمحبتهم لمن تقدمهم من المؤمنين، ومراعاتهم لحقوق الأُخوة في الدين، والسبق بالإِيمان قائلين: ربنا اغفر لنا ولإِخواننا في الدين، والأُخوة عندهم أَعز وأَشرف من النسب، وتضرعوا إِليه تعالى أَن يطهر قلوبهم من الحقد على المؤمنين على الإِطلاق، وأَن يجعل حبهم خالصًا لله وحده: (رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) تستجيب دعاءَ الصادقين مع المبالغة في الرأفة والرحمة فحقيق بنا أَن نطمع في تحقيق ما ندعو به لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإيمان.
وفي الآية حث وتوجيه وترغيب في الدعاءِ إِلي الصحابة. وتصفية القلوب من بغض أَحد منهم مع الاعتراف بفضلهم، وحسن صنيعهم وسبقهم إِلي البذل والتضحية.
قال ابن كثير: ما أَحسن ما استنبط الإِمام مالك من هذه الآية أَن الرافضي الذي يسب الصحابة ليس له من مال الغنيمة شيءٌ لعدم اتصافه بأَوصاف المؤمنين.
وقد روى الشعبي أنه قال: تفاضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلة: سئلت اليهود: منَ خير أَهل ملتكم؟ فقالوا: أَصحاب موسى، وسئلت النصاري مَن خير أَهل ملتكم؟ فقالوا: أَصحاب عيسي، وسئلت الرافضة من شر أَهل ملتكم؟. فقالوا: أَصحاب محمد. أَمروا بالاستغفار لهم فسبوهم. فالسيف عليهم مسلول إِلي يوم القيامة.