هم الفاسقون الخارجون من طاعة الله إِلي معصيته، المتناهون في الفسوق، المستحقون للعقاب الجسيم في دار الجحيم.
٢٠ - ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)﴾:
المعنى: إِذا تقرر أَن المؤمنين المتقين الذين يداومون على الطاعة ويخلصون العبادة لهم الجنة، وأَن المشركين والمنافقين والذين نسوا الله فأَنساهم أَنفسهم لهم دار الجحيم، فإِن هذه الآية توضح هذا المعنى وتبرزه نصًّا صريحًا وحكمًا صحيحا، أي: لا يستوي أَهل النار والملازمون لها الذين انخرطوا في الملذات، وانهمكوا في المعاصي، وسبحوا في مهاوي الشرك، ومفاوز الضلال والكفر، ونسوا الله وتجاوزوا حدوده - لا يستوي هؤلاءِ - وأَصحاب الجنة الذين وقفوا أنفسهم على العمل لها، وقرنوا سلوكهم بالطاعة وحياتهم بالحلال الطيب - إِن أَصحاب الجنة الذين هذه أَعمالهم وهذا سلوكهم هم الفائزون بكل المطالب، الجديرون بكل الرغائب الناجون من كل المثالب والمعايب.
٢١ - ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)﴾:
هذه تعجيب من حال من لا يهتدي بالقرآن ولا يستجيب لهديه، وتنبيه إِلي أَنه منار هداية، ورائد طاعة، ومنهل ظمأ بما ينطوي عليه من فنون القوارع، وضرب المخاوف، ودروب الرغائب، ومناهل العرفان بحيث لو أُنزل على جبل أصم من الجبالِ الضخمة العاتية لرأَيته - مع كونه مثلًا في القسوة، علمًا في الرسوخ والثبات - متنهاويًا متداعيًا ومتشققًا، متصدعًا من قوة خشية الله وشدة جبروته لعلو شأن القرآن وبلاغة تأثيره بالزواجر والقوارع. والمراد توبيخ الإِنسان وتعنيفه على قسوة قلبه وقلة خشوعه عند تلاوة القرآن أَو سماعه وتدبر ما فيه وتلك الأَمثال التي ذكرناها في هذه السورة وفي غيرها نضربها للناس ونوردها لهم متعددة المقاصد مختلفة المضامين لعلهم يتفكرون في معانيها ويدركون مراميها فينعكس ذلك على سلوكهم وأَعمالهم.


الصفحة التالية
Icon