وهذه الآية نزلت على ما أَخرج ابن أَبي حاتم عن مقاتل يوم الفتح، فبايع رسول الله الرجال على الصفا وعمر - رضي الله عنه - يُبايع النِّساءَ تحتها عن رسول الله ﷺ وجاءَ أَنَّه - عليه الصلاة والسلام - بايع النساء أَيضا بنفسه الكريمة، أَخرج الإِمام أَحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه وغيرهم عن أُميمة بنت رُقيْقة قالت: أَتيت النبي ﷺ لنبايعه فأَخذ علينا ما في القرآن (أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا) حتى بلغ (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) فقال: (فيما استطعن وأَطقن) قلنا: الله ورسوله أَرحم بنا من أَنفسنا يا رسول الله أَلا تصافحنا فقال: إِني لا أُصافح النساء، إِنما قوليِ لمائة امرأَة كقولي لامرأَة واحدة.
والمبايعة وقعت غير مرة، ووقعت في مكة بعد الفتح وفي المدينة.
وممن بايعه - عليه الصلاة والسلام - في مكة هند بنت عتبة زوج أَبي سفيان ففي حديث أَسماءَ بنت يزيد بن السكن: كنت في النسوة المبايعات وكانت هند بنت بنت عتبة في النساءِ فقرأَ ﷺ الآية فلما قال: (عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا) قالت هند: وكيف نطمع أَن يقبل منَّا ما لم يقبل من الرجال، يعني أن هذا بين لزومه، فلما قال: (وَلا يَسْرِقْنَ) قالت: والله إِنِّي لأُصيب الهنة من مال أَبي سفيان لا يُدري أَيحل لي ذلك، فقال أَبوسفيان: ما أَصبت من شيءٍ فيما مضي وفيما نجد فهو لك حلال فضحك رسول الله وعرفها فقال لها: (وإنك لهند بنت عتبة) قالت: نعم فاعف عمَّا سلف يا نبي الله عفا الله عنك، فقال: (وَلا يَزْنِينَ)، فقالت: أَوتزني الحرة؟ فقال: (وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ)، فقالت: ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا - تعني ما كان من أمر ابنها حنظلة بن أَبي سفيان فإِنه قد قتل يوم بدر فضحك عمر حتى استلقي، وتبسم رسول الله، وفي رواية أَنها قالت: قتلت الآباءَ وتوصينا بالأَولاد؟ فضحك رسول الله فقال: (وَلا يَأتِينَ بِبُهْتَانٍ)، فقالت: والله إِنَّ البهتان لأَمر قبيح ولا يأمر الله إِلا بالرشد ومكارم الأَخلاق، فقال: (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ)، فقالت: والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أَنفسنا أَن نعصيك في شيءٍ، وكان هذا منها دون غيرها لمكان أَم حبيبة - رضي الله عنها - من رسول الله مع أَنها حديثة عهد بجاهلية، ويروى أَن أَول من بايع من النساءِ أُم سعيد بن معاذ وكبشة بنت رافع مع نسوة أُخري - رضي الله عنهن -