عن الجمعة، وقول الصحابي الواحد إذا خولف فيه لا يعتبر حجة، والأَمر بالسعي إِلى صلاة الجمعة متوجه يوم العيد كتوجهه في سائر الأَيام، وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير قال: كان رسول الله ﷺ يقرأ في العيدين وفي الجمعة (سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) و (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) قال: وإِذَا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أَيضًا في الصلاتين. أَخرجه أَبو داود والترمذي وابن ماجه (١).
المعنى الإجمالي للآية: يا أيها الذين آمنوا وكنتم من المقيمين في بلد الجمعة المكلفين بالصلاة: إِذا سمعتم أذان الجمعة فعليكم أَن تمضوا إِلى مكان أَدائها وعليكم السكينة والوقار، وأَن تستمعوا إِلى خطبة الجمعة، وتصلوا صلاتها في جماعة وأَنتم متوضئون، فإِنه لا صلاة من غير وضوءٍ، وعليكم أَن تمتنعوا عن البيع والشراءِ ابتداءً من الأَذان الأَول على الأَقل؛ لتتفرغوا لسماع خطبتها وأدائها مع الجماعة، فإِن البيع والشراء حينئذ حرام، ويقول بعض العلماءِ: إِنهما باطلان؛ ذلكم خير لكم في دينكم، ففي ذلك غفران لذنوبكم ومثوبة من الله لكم، إِن كنتم تميزون بين الخير والشر والنفع والضر.
١٠ - ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)﴾:
فإذا فرغتم من صلاة الجمعة فمباح لكم أَن تنتشروا في الأَرض للتجارة والتصرف في حوائجكم ونحو ذلك واطلبوا من رزق الله بسعيكم، واذكروا الله ذكرًا كثيرًا في جميع الأَحوال، واشكروه على توفيقكم لأَداءِ الفرائض؛ لكي تفلحوا وتفوزوا في دنياكم وأخراكم.
ويقول القرطبي: كان عراك بن مالك إِذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال: "اللهم إِني قد أَجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت كما أَمرتني، فارزقني من فضلك وأَنت خير الرازقين".

(١) انظر للقرطبي في شرح هذه الآية في المسألة الحادية عشرة.


الصفحة التالية
Icon