ومرضاته على محبة الأَموال والأَولاد، وقدم طاعة الله على السعي والكد فيما يعود على أَولاده بالجاه والمال بوجه يخرج بهم عن مرضاة ربهم.
وقيل: المراد من الأَجر العظيم هو الجنة فهي نهاية الأَرب وغاية الطلب ولا أَجر أَعظم منها وفي الصحيحين عن أَبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِن الله يقول لأَهل الجنة يا أَهل الجنة فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أَحدًا من خلقك؟ فيقول: أَلا أَعطيكم أَفضل من ذلك قالوا: يا رب وأَي شيء أَفضل من ذلك؟ فيقول: أُحل عليكم رضواني فلا أَسخط عليكم بعده أَبدًا).
١٦ - ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)﴾:
(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أَي: ابذلوا في تقواه - جل شأنه - جهدكم وطاقتكم ولا تدخروا منها شيئًا؛ فإِن ما عند الله خير وأَبقى.
أَخرج ابن أَبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: لما نزلت (اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ) اشتد على القوم العمل فقامُوا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فأَنزل الله - تخفيفًا على المسلمين - (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فنسخت الآية الأَولى، وعن مجاهد المراد أَن يطاع - سبحانه - فلا يعصى، قال الآلوسي، والكثير على أَن هذا هو المراد في الآية.
(وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لأَنْفُسِكُمْ) أَي: اسمعوا كلام الله ورسوله سماع تدبر وتفكر وأَطيعوا أَوامر - عز وجل - واجتنبوا نواهية وابذلوا في وجوه البر التي أَمركم - سبحانه أَن تنفقوا فيها إِنفاقا خالصًا لوجهه - تعالى - دون رياء أَو سمعه، وافْعلُوا كل عمل طيب يكن ذلك خيرًا لكم وأَنفع بكم (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ): أَي: والذين جعلهم الله في وقاية وحفظ من بخل النفس وحرصها فأُولئك هم في فوز كبيرٍ وفلاح عظيم حتى كأَنهم وحدهم هم الذين ظفروا بذلك ونالوه.


الصفحة التالية
Icon