التفسير
١٠ - ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)﴾:
ضرب المثل في مثل هذا عبارة عن إيراد حالة غريبة لتُعرف بها حالة أُخرى مشاكلة لها في الغرابة.
والمعنى: مثَّل الله - عز وجل - حال الكافرين في أَنهم يعاقبون على كفرهم وعداوتهم للمؤمنين بلا محاباة، ولا يجديهم نفعًا مع عداوتهم لهم، ما كان بينهم من المنسب والمصاهرة، وإِن كان المؤمن الذي يتصل به الكافر نبيًّا. مثل الله ذلك بحال امرأَة لوط حالًا ومآلًا (كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ) أَي: في عصمة نبيين عظيمي الشأن رفيعي القدر عندهما ليلًا ونهارًا يواكلاَنهما ويعاشرانهما متمكنين من تحصيل خيري الدنيا والآخرة، وحيازة سعادتهما (فَخَانَتَاهُمَا) بما صدر عنهما من كفر وعصيان مع تحقيق ما ينافيهما من مرافقة كلتيهما لنبي كريم، أَما خيانة امرأَة نوح فكانت تقول للناس عنه: إِنه مجنون، وأَما خيانة امرأَة لوط فكانت تدل على ضيف زوجها إِذا نزل به.
رُوي ذلك عن جمع وصححه الحاكم عن ابن عباس.
وأَخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإِيمان وابن عساكر عن الضحاك أَنه قال: خيانتهما النميمة، وتمامه في رواية أُخرى كانتا إِذا أَوحى الله تعالى بشيءٍ أَفشتاه للمشركين. ولا تفسر الخيانة بالفجور لما أَخرج غير واحد عن ابن عباس ما زنت امرأَة نبي قط ورفعه أَشرس إِلى النبي ﷺ قال صاحب الكشاف: لا يجوز أَن يراد بالخيانة الفجور؛ لأَنه سمج في الطبع نقيصة عند كل أَحد.
وفي هذا تصوير لحال المرأَتين المماثلة لحال الكفرة في خيانتهم لرسول الله ﷺ بالكفر والعصيان مع تمكنهم التام من الإِيمان والطاعة.
وقوله تعالى (فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا) بيان لما أَدى إِليه خيانتهما أَي: فلم يغن الرسولان الكريمان عن المرأَتين بحق ما بينهما وبينهما من صلة الزواج إِغناءً مَا من عذاب