عن الاندماج تحت الوقوع، فضلًا عن الانتظام في سلك الغاية أَو الغَرضِ - عند من يراه لأَفعال الله - عز وجل - وإِنما هو عمل يصدر عن عامله لسوءِ اختياره من غير مصحح له، وفيه من الترغيب في الترقي إِلى معارج إِلى العلوم ومدارك الطاعات ما لا يخفى.
انتهى من الآلوسي بتصرف يسير.
وختم الله بقوله: (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ):
أَي: الغالب الذي لا يعجزه عقاب من أَساء، الغفور لمن أَساءَ منهم أَو تاب.
٣ - ﴿الَّذِي (١) خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣)﴾:
كل ما علاك سماء، من السمو بمعنى الرفعة، ولهذا يطلق لفظ السماءِ على الغلاف الجوي الأَزرق الذي يعلو الأَرض، ويحيط بها، ويطلق أَيضًا على السحب الممطرة أو غيرها، بل يطلق على المطر نفسه مجازًا، لأنه نزل من السماء بمعنى السحاب، يقول بعض العرب: ما زلنا نطأُ السماءَ حتى أَتيناكم، أَي نطأ المطر الذي فوق الأَرض، وكذلك يطلق على النجوم والكواكب لارتفاعها.
والمراد من السموات السبع غير هذا كله فهي من الغيب الذي استأثر الله بعلمه، وهي التي عرج بالنبي ﷺ إِليها.
ولا سبيل إِلى أَن يراد منها النجوم والكواكب، لأَنها زينة للسماءِ الدنيا - أَي: الأُولى - لقوله تعالى: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ) (٢) وقوله: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) (٣).
ولا شك أَن زينة الشيءِ غير هذا الشيءِ، فمثلا زينة الفتاة غير الفتاة نفسها، والله - تعالى - يقول في سورة الكهف الآية ٧: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا) فالأَشجار والزروع والجبال ونحوها زينة للأَرض وليست هي الأَرض.
(٢) من الآية الخامسة لهذه السورة.
(٣) الآية السادسة من سورة الصافات.