٣١ - ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (٣١)﴾:
أَي قالوا: يا عذابنا وهلاكنا إِنا كنا طاغين - اعتدينا وبغينا وتجاوزنا الحد عاصين بمنع الفقراء: وقال ابن كيسان: طغينا نِعَم الله فلم نشكرها كما شكرها أَبونا من قبل حتى أَصابنا ما أَصابنا.
٣٢ - ﴿عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (٣٢)﴾:
نرجو الله أَن يعوضنا خيرا من جنتنا ويعطينا بدلا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة إِنَّا إِلى ربنا - لا إلى غيره - راغبون: راجون العفو طالبون الخير.
وعن مجاهد أَنهم تابوا فأُبدلوا خيرا منها.
٣٣ - ﴿كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٣٣)﴾:
أَي: مثل ذلك العذاب الذي بلونا به أَهل مكة من الجدب الشديد ومثل ما قصه الله علينا مما أَصاب أَهل هذه الجنة - عذاب الدنيا، والكلام وارد لتحذير أَهل مكة - وتخويفهم كأَنه لما نهى - سبحانه وتعالى - نبيه عن طاعة الكفار ورؤَسائهم، ذكر - عز وجل - أَن تمردهم هو بسبب ما أوتوه من المال والبنين، وعقّب - جل وعلا - - بأَنهم إِذا لم يشكروا المنعم عليهم يؤول حالهم إِلى حال أَصحاب الجنة مشيرا إِلى أَن خُبث النّية وإِنكار حق الفقير إِذا أَفضى بهم إلى ما ذكر من العذاب فإِن إِنكار الحق بمعاندة الرسول ذي الخلق الكريم وقطع رحمه أَولى بأَن يُفْضِي بأَهل مكة إلي البوار والخسران والعقاب.
ثم ذكر - سبحانه وتعالى - عذابهم في الآخرة فقال: (وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ) أَي: أَعظم وأَشد وأَشقّ وهو تحذير عن العناد، وقوله تعالى: (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) نَعْيٌ عليهم بالغفلة وتقريع لهم، أَي: لو كانوا من أَهل العلم لعلموا أَنه أَكبر، ولأَخذوا منه حِذْرهم ولما وقعوا فيما وقعوا فيه.