٤٩ - ﴿لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩)﴾:
المعنى: لولا أَن تداركته نعمة من ربه - وهي توفيقه للتوبة وقبولها - لطرح من بطن الحوت بالأَرض الفضاءِ الخالية من الأَشجار وغيرها مذمومًا مُعاقبًا على ما صدر منه، ولكن أدركته رحمة ربه وعنايته به فَطُرِح سقيمًا غير مذموم: أي، غير مبعد عن كل خير، وقيل المعنى: لولا فضلُ الله عليه بقبول توبته وتسبيحه لبقي في بطن الحوت إِلى يوم القيامة ثم نُبِذ بعراءِ القيامة مذمومًا، يدل عليه قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ (١) ذكره القرطبي.
٥٠ - ﴿فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠)﴾:
(فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ) أَي فتداركه نعمة من ربه فاجتباه، أَي: اصطفاه بأَن رد - عز وجل - إليه الوحي وأَرسله إِلى مائة أَلف أَو يزيدون، وقيل: استنبأَه إِنْ صَحّ أَنَّه لم يكن نبيًّا قبل هذه الواقعة، وإِنَّما كان رسولًا لبعض المرسلين (فَجَعَلَهُ مِنْ الصَّالِحِينَ) أَي: من الكاملين في الصَّلاح بأَن عصمه - سبحانه - من أَن يفعل فعلًا يكون تركه أَولى.
٥١ - ﴿وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١)﴾:
المعنى
١ - إِنهم لِشدَّة عداوتهم وبغضهم لك ينظرون إِليك شزرًا وحقدًا بحيث يكادون يزلُّون قدمك ويُزِيلُونك من مكانك، من قولهم: نظر إِلي نظرًا يكاد يصرعني أَو يكاد يأكلني، أَي: لو أَمكنه بنظره الصرع أَو الأكل لفعله.
٢ - وقيل المعنى: إِنهم يكادون يصيبونك بالعين، ولقد كان ذلك معروفًا في بني أَسد، ذكر الآلوسي وغيره أَن الكفار سأَلوا رجلًا منهم أَن يصيب رسول الله بالعين فأَجابهم، فلما مر النبي ﷺ الله عليه وسلم أَنشد الرجل:
قد كان قومُك يحسبونَك سيدًا | وإِخالُ أَنَّك سَيِّدٌ معيون |