٨ - ﴿فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨)﴾:
أَي فهل ترى وتبصر لَهم من بقية؟ أَو من نفس باقية؟ أَو من بقاء؟!
وذهب قوم إِلى أَن هؤُلاءِ القوم لم يبق من نسلهم أَحد واستدل بهذه الآية على قوله.
٩ - ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (٩)﴾:
أَي وجاءَ فرعون - ذلك الجبار الطاغي - ومن سبقه من الأُمم التي كفرت كثمود وعاد ومن تبعهما من الأَعوان والجنود، وجاءَ أَيضًا أَهل تلك القرى الذين كذَّبوا نبي الله لوطا - عليه السلام - فكفأَ وقلب جبريل - عليه السلام - تلك القرى ومن فيها، وجاء هؤُلاء وأُولئك جميعًا بالفعلة ذات الخطأ الجسيم والإِثم العظيم.
١٠ - ﴿فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً (١٠)﴾:
بيّن الله في تلك الآية ذلك الخطأَ الشديد والفعلة الشائنة المنكرة وأَبان عقوبتها، بينها - سبحانه - بأَنها كانت عصيان كل أَمة لرسولها حيث لم ينتهوا عما نهاهم عنه مما كانوا يفعلونه من أَلوان القبائح وضروب الفواحش، فأَنزل الله بهم من العذاب الشديد ما يتوافق ويتناسب مع قبح أَفعالهم وشناعة عصيانهم؛ فأَخذهم أَخذة زائدة شديدة.
١١ - ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١)﴾:
هذا بيان لفضل من الله ومنة على المؤمنين، وزجر وتهديد للكافرين، أَي: إِننا وقت أَن طغى الماءُ وتجاوز حده المعتاد حتى علا وارتفع فوق كل شيءٍ، وذلك بسبب إِصرار قوم نوح - عليه السلام - على ضروب المعاصي والكفر ومبالغتهم في الاستهزاءِ به، وفي تكذيب ما جاءَ به من الأَحكام والشرائع التي من جملتها أخبار وأَحوال يوم القيامة، إِننا بقدرتنا - وتفضلا منا - جعلناكم ذرية من نجا من الغرق بسبب إِيمانهم بالله وطاعتهم لنبيه نوح - عليه السلام - ورفعنا آباءَكم وأَنتم في أَصلابهم فوق الماءِ إِلى انقضاءِ أَيام الطوفان، ورفعنا آباءَكم في السفينة الجارية بأَمرنا وحفظنا، وأَغرقنا الكافرين ببغيهم وعصيانهم.