التفسير
١٣ - ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣)﴾:
هذا شروع في بيان نفس الحاقة وكيفية وقوعها إِثر بيان عظمة شأنها بإِهلاك مكذبيها والمراد من النفخة الواحدة - هي نفخة الملك في البوق - وقد أَكدها ههنا بأَنها واحدة لأَن أَمر الله لا يخالف ولا يمانع ولا يحتاج إِلى تكرار، والأَولى أَن يقال: إِنها النفخة الأُولى التي عندها يحصل خراب العالم. قال الإِمام الفخر الرازي: فإِن قيل: لماذا قال بعد ذلك: (يَوْمِئذٍ تُعْرَضُونَ) والعرض إِنما يكون عند النفخة الثانية؟ قلنا: جعل اليوم اسمًا للحين الواسع الذي تقع فيه النفختان والصعقة والنشور والوقوف والحساب، فلذلك قال: (يَوْمِئذٍ تُعْرَضُونَ) كما تقول جئتك عام كذا، وإِنما كان مجيئك في وقت واحد من أَوقاته. أ. هـ.
١٤ - ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤)﴾:
أَي: رفعت الأَرض والجبال من أَماكنها إِما بالزلزلة، أَو بريح بلغت من قوة عصفها أَنها تحمل الأَرض والجبال، أَو بملك من الملائكة، أَو بقدرة الله من غير سبب (١) فضربت الأَرض والجبال بعضها بعض ضربة واحدة حتى تندق وتتفتت وتصير كثيبا مهيلا: أَي، رملا رخوا لينًا بعد أَن كانت قوية صلبة متماسكة، وقيل: تنفرق أَجزاؤُها كما قال - سبحانه - ﴿هَبَاءً مُّنبَثًّا﴾ (٢) وقيل: المراد فبسطتا بسطة واحدة وسويتا فصارتا أَرضًا لا ترى فيها عوجًا ولا أَمتا: أَي، لا تبصر فيها انخفاضًا ولا ارتفاعًا.
١٥ - ﴿فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥)﴾:
أَي: فيوم إِذ حدث ذلك من النفخ في الصور ودك الأَرض والجبال نزلت النازلة وقامت القيامة الكبرى.
١٦ - ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦)﴾:
أَي: وتفطرت السماءُ وتميز بعضها عن بعض، فهي في هذا اليوم مسترخية ساقطة القوة، وذلك بعد أَن كانت محكمة متماسكة.

(١) ذكر ذلك الإمام الرازي.
(٢) الواقعة من الآية: ٦.


الصفحة التالية
Icon