٣٩، ٣٨ - ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (٣٩)﴾:
أَي: فأُقسم وأَحلف بما تبصرونه وتشاهدونه مما خلق الله وأَبدعه وجعله دليلا على كمال قدرته وعظيم إِتقانه وإِبداعه، وأُقسم بما لا تبصرونه مما خفى واستتر عنكم من مثل: ذاته سبحانه وأَسرار قدرته وبعض مخلوقاته التي لم يأذن لكم في الاطلاع عليها، وما خفي ودق من نعمة الباطنة وكلمة (لاَ) على هذا في قوله: (فَلا أُقْسِمُ) لتأكيد القسم وليست للنفي، وقيل: إِنها نافية للقسم، كأَنه قال: لا أُقسم على أَن القرآن قول رسول كريم لأَن الأَمر لوضوحه يستغني عن القسم والحلف عليه وقيل: (لاَ) لكلام سبق، أَي: ليس الأَمر كما يقوله المشركون، ثم ابتديء بعد ذلك بالقسم.
٤٠ - ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠)﴾:
أَي: إن القرآن الكريم يقوله ويتكلم به رسول من عند الله، أَي: يبلغه عن الله وليس لهذا الرسول بعد ذلك ولا قبله شأن فيه، والظاهر أَن المراد من الرسول في الآية الكريمة هو سيدنا محمد ﷺ لأَنه هو الذي كان يصفه قومه بالشعر والكهانة وقيل هو جبريل - عليه السلام -.
٤١ - ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١)﴾:
أَي وليس القرآن بقول شاعر لأَنه يباين ويختلف عن ضروب الشعر وأَغراضه، إذ إِنه التشريع المحكم، والقول الفصل، والجد الذي ليس بالهزل، أَما الشعر فإِنه يخوض في الأُمور كلها جدها وهزلها، فالشعراء في كل واد يهيمون، ويقولون ما لا يفعلون (قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ) أَي: أَنهم لا يؤْمنون أصلا؛ فالعرب تقول:: قلَّما يأتينا وهم يريدون أَنه لا يأتينا، أَو أَنهم يؤْمنون ولكنهم سرعان ما يرجعون عن إِيمانهم، وذلك كما حدث من الوليد بن المغيرة فإِنه بعد أَن وصف القرآن الكريم ونعته بأَنه ليس من كلام الإِنس ولا من كلام الجن، وأَنه ليعلو ولا يُعلى عليه... إِلى آخر ما قال، رجع واستكبر فقال: إِن هذا إِلاَّ سحر يؤْثر.