وفي قوله: (مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) ما يدخل الخوف والرهبة في قلوب الكافرين؛ إِذ إِن كل المخلوقات تحت قهر سلطانه، والملائكة - ذلك الخلق العظيم - تصعد إِليه في معارج السموات ﴿لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ (١) فما أَشد بطشه وما أَعظم أَخذه ﴿إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ (٢).
(فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) من سني الدنيا: أَي، أَن هذا العذاب سيكون في يوم قدره خمسون أَلف سنة وهو يوم الحساب إِلى أَن يستقر أَهل الجنة في الجنة وأَهل النار في النار، وإِلاَّ فيوم القيامة لا نهاية له، ثم بعد ذلك ينتقل الكفار إِلى نوع آخر من العذاب.
وهذا الطول وتلك الشدة تكون على الكافرين والعاصين فحسب، وأَما المؤمنون فإِن الله يخفف عليهم، يدل على ذلك ما أَخرجه الإِمام أَحمد وغيره عن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ل -: سئل رسول الله ﷺ عن يوم كان مقداره خمسين أَلف سنة ما أَطول هذا، فقال - عليه الصلاة والسلام -: "والذيِ نَفْسِي بيده إِنه لَيُخفَّفُ على المؤْمنِ حتى يكونَ أَهون عليه من صلاةٍ مكتوبة يصليها في الدنيا".
﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٩)﴾
المفردات:
(فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا) الصبر الجميل: هو ما لا جزع فيه ولا شكوى لغير الله.
(٢) سورة هود، من الآية ١٠٢.