٢٨ - ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨)﴾:
اعتراض بين الكلام المتصل في وصف المصلين مؤذن بأَنه لا ينبغي لأَحد أَن يأمن مكر الله وعذابه، وإِن كان له في الطاعة قدم ثابتة، وفي الإِخلاص جهد لا يُبَاَرى كهؤلاء، ولذا كان السلف الصالح - وهم هم - خائفين وجلين حتى قال بعضهم: يا ليتني كنت شجرة تعضد، وقال آخر: يا لَيْتَ أُمي لم تلدني.
٣٠، ٢٩ - ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٢٩) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠)﴾:
أَي: أَنهم ممسكون لفروجهم غير مرسلين لها على أَحد إِلاَّ على أَزواجهم أَو ما ملكت أَيمانهم وفيه إِيذان بأَن شهوتهم قوية دافعة تدعوهم إِلى بذل الجهد في صدها لمنعها من استيفاءِ مقتضياتها، وبذلك يتحقق لهم كمال العفة.
والمراد بقوله تعالى: (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ): الإِماءُ المملوكات.
(فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ): تعليل لما يفيده الاستثناءُ القاضي بعدم حفظ فروجهم عن الزوجات والمملوكات، أَي: فإِنهم ليسوا أَهلًا للوم والتأنيب على عدم حفظ فروجهم بإِرسالها على أَزواجهم أَو ما ملكت أَيمانهم وفق نص الشارع الحكيم.
٣١ - ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٣١)﴾:
أَي فمن تجاوز الذي ذكر من القدر المعلوم وهو نكاح أَربع من الحرائر، وما شاءَ من الإِماء، فقد تعدى حدود ما أَحل الله له إِلى ما حرمه عليه قال الطبري: من التمس لفرجه منكحًا سوى زوجته أَو ملك يمينه ففاعلو ذلك هم العادون الذين تعدوا ما أَحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم، وهم الملومون، أَما الذين لم يقربوا سوى أَزواجهم التي أَحلها الله لهم، وما ملكت أَيمانهم من السراري، فهم غير ملومين كما أَشارت إِلى ذلك الآية السابقة.