(وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا) أَي: أَضل هؤلاءِ الرؤساءُ خلقًا كثيرًا قبل الذين أَوصوْهم بأَن يتمسكوا بعبادة الأَصنام، فهم ليسوا بأَول من أَضلوهم، ويشعر بذلك المعنى في قوله تعالى: (وَقَدْ أَضَلُّوا) والاقتران بعد حيث أَشار ذلك إِلى أَن الإِضلال استمر منهم إلي زمن الإِخبار بإضلال الطائفة الأَخيرة. وقال الحسن:: وقد أَضلوا، أَي: الأَصنام التي اتخذوها آلهة خلقًا كثيرًا من الناس. فهو كقول الخليل - عليه السلام -: (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ) (١) وعود ضمير العقلاءِ عليها وهو واو الجماعة في قول الحسن لتنزيل الأَصنام منزلتهم عندهم وفي زعمهم.
(وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالًا) أَي: قال: رب إنهم عصوني.. الخ، وقال: (وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالًا) والغرض الشكاية وإِبداءُ العجز واليأس منهم وطلب النصرة عليهم، والمراد بالضلال الذي دعا عليهم بزيادته: إِما الضلال في ترويج مكرهم ومصالح دنياهم، فيكون دعاء عليهم بعدم الاهتداء إِلى تيسير أُمور أُخراهم، وإما الضلال بمعنى الضياع والهلاك كما في قوله تعالى: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (٢)، وهو مأَخوذ من الضلال في الطريق لأَن من ضل فيها هلك. ووضع الظاهر وهو قوله: (وَلا تَزِدْ الظَّالِمِينَ) موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالظلم المفرط، ولتعليل الدعاء عليهم به.

(١) سورة إبراهيم، من الآية: ٣٦.
(٢) سورة القمر، الآية: ٤٧.


الصفحة التالية
Icon