(لَمَسْنَا السَّمَاءَ): اللمس: المس، فاستعير للطلب، لأَن الماسَّ طالب متعرف أَي: طلبنا بلوغ السماء.
(شُهُبًا): جمع شهاب، وهو النجم المحرق.
(رَصَدًا): راصدًا ومستعدًّا ومترقبًا له.
التفسير:
٦ - ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)﴾:
قيل: إن الرجل من العرب في الجاهلية كان إِذا أَمسى في قفر من الأَرض قال: أَعوذ بسيد هذا الوادي أَو بعزيز هذا المكان من شر سفهاءِ قومه، يريد الجن وكبيرهم، فيبيت في جواره حتى يصبح.
قال مقاتل: كان أَول من تعوذ من الجن قوم من أَهل اليمن ثم من بني حنيفة، ثم فشا ذلك في العرب، فلما جاءَ الإِسلام عاذوا بالله وتركوهم.
أَي: وأَنه كان رجال من الإِنس يلجأُون ويستجيرون بالجن رجاء رعايتهم وأَملًا في حفظهم من شرور سفهاءِ الجن ومردتهم فزاد الإِنسُ الجنَّ بسبب استعاذتهم بهم تكبرًا وصلفًا وعتوًّا حيث قالت الجن: سُدْنا الإِنس والجن، أَو أَن الجن زادوا الإِنس بسبب هذا الالتجاءِ من الإِنس زادوهم فرقًا وخوفًا، بل زادوهم كفرًا بالله، إِذ الاستعاذة بغير الله كفر.
٧ - ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (٧)﴾:
أَي: وقال الجن بعضهم لبعض: إِن كفار الإِنس حسبوا وظنوا كما حسبتم - يا معشر الجن أَن الله - سبحانه - لن يبعث أَحدًا بعد الموت، وأَنهم كانوا يقولون: (إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (١) فقد أَنكروا البعث كما أَنكرتموه أَنتم، أَو أَن الإِنس ظنوا كظنكم أَن الله لن يرسل رسولًا إِلى أَحد من العباد، وقد أَخطأَ الإِنس وأَخطأتم معشر الجن، فالله قد أَرسل محمدًا ﷺ وأَنزل عليه هذا القرآن الكريم.