التفسير
٢٤ - ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (٢٤)﴾:
هؤُلاءِ الكفار لا يزالون يستضعفون المؤمنين ويستهزئون بهم ويستقلُّون عددهم، حتى إِذا رأَى هؤُلاءِ المشركون ما تهددهم الله وتوعدهم به من صنوف العذاب وفنونه في الآخرة، أَو من خذلانهم وهزيمتهم في الدنيا - كما حدث في غزوة بدر الكبري - فسيتبين ويظهر لهم من هم الأَضعف ناصرًا ومعينًا وأَقل نفرًا وجندًا وعددًا؟ هل هم أَم المؤمنون بربهم المصدقون برسالة نبيَّهم؟ لا شك ولا مرية َأن الكافرين لا وليّ ولا ناصر ولا شفيع لهم، قال تعالى: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ) (١) وأَنهم هم الذين ينصرف وينفض عنهم أَهلوهم وذووهم يوم القيامة.
أما المؤمنون فلهم في الآخرة العزة والكرامة والكثرة قال تعالى: (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ" (٢)، والملك القدوس - جل شأَنه - يسلم عليهم، قال تعالى: (سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) (٣) ولهم عز النصر واجتماع الشمل وعلوّ الشأن.
٢٥ - ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (٢٥)﴾:
عندما سمع المشركون ما نزل في الآية السابقة قالوا - إِنكارًا له واستهزاءً به: متى يكون ذلك الموعود؟ فأَمر الله رسوله أن يبلغهم - تبكيتًا لهم وتهديدًا - أَن العذاب الذي أُوعِدُوا وهُددوا به كائن وحاصل، لا محالة، وأَن وقوعه متيقن، أَما وقته وزمن نزوله بهم فلا أَعلم متي يكون: أهو حالٌّ متوقع في أَية ساعة أَم مؤجل قد ضرب الله له غاية وَوقَّتَ له زمنًا معينًا؟ إِن الله - سبحانه - قد استأَثر بعلم ذلك.
(٢) من الآية ٢٣ والآية ٢٤ من سورة الرعد.
(٣) الآية ٥٨ من سورة يس.