القلب، ولا يكون هناك مانع أو حائل دون تفهم القرآن وتدبره، وفي هذه الآية الكريمة بيان لفضل صلاة الليل، وأَن الاستكثار منها وزيادة القراءة فيها يعظم الثواب ويجزل الأَجر. وقيل: المراد بالناشئة هي النفس التي تنشأَ من مضجعها إِلى العبادة، أَي: تنهض، وذلك دون ناشئة النهار.
واختلف العلماءُ في وقت (ناشئة الليل) فقال ابن عمر وأَنس بن مالك - رضي الله عنهما -: هي ما بين المغرب والعشاءِ تمسكًا بأَن لفظ (نشأَ) يعطي الابتداء، وكان علي بن الحسين - رضي الله عنهما - يصلي بين المغرب والعشاءِ ويقول: هذه ناشئة الليل، وقيل: هي الليل كله، وقيل: هي القيام بالليل بعد النوم، وهذا مروي عن عائشة وابن عباس - رضي الله عنهما - وهذا يتفق مع ما روي عن النبي ﷺ أَنه قال: "إِن الله - عز وجل - يمهل حتى يمضي شطر الليل الأَول، ثم يأمر مناديًا يقول: هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ هل من سائل يعطي؟ " فهذا الحديث بيّن الأَوقات التي هي جديرة بالإِحياءِ والإِقامة، وأَيضًا فإِنه يتناسب مع قوله تعالى: (هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا) لأَن الصلاة بعد نوم فيها الكثير من أَخذ النفس بالشدة والحزم ورياضتها على الأَعمال الشاقة التي تكسب صاحبها ثوابًا عظيمًا وأَجرا جزيلا، فقد ورد في الأَثر: "أَفضل العبادات أَحمزها "أَي أَشقها.
٧ - ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (٧)﴾:
أَي: إِن لك في النَّهار سغة من الوقت تتصرف فيها من مهامك وشواغلك ونومك وراحة بدنك، فاجعل ليلك خالصًا لعبادة ربك، وعليك بمناجاته التي تقتضي فراغ البال وانتفاء الشواغل، أَو: إِن لك تصرفًا في أُمور معاشك وتقلبًا في حوائجك وما يعرض لك من أَمر دنياك، فلا تستطيع أَن تتفرغ للعبادة الخالصة في النهار فعليك بها في الليل، وقيل: إِن فاتك في الليل شيءٌ من العبادات فلك في النهار فراغ تقدر على تداركه فيه، ويؤيد هذا المعنى ما روي عن عائشة - رضي الله عنها - أَنها قالت: "وكان رسول الله ﷺ إِذا صلى صلاة أحب أَن يداوم عليها، وكان إِذا شغله عن قيام الليل نوم أَو وجع أَو مرض صلى من