والمراد من المكذبين أُولي النعمة: هم صناديد قريش وزعماؤُها (وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا) أي: ولا تضق ذرعًا بهم واتركهم زمانًا قليلًا وهو مدة حياتهم في الدنيا، أَو المدة الباقية لهم إِلى يوم بدر، وبعدها فسيهلكهم الله ويكفيك شرهم.
وفي قوله تعالى: (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) إِدخال مزيد اطمئنان على قلب الرسول الكريم بأَنه - سبحانه - آخذ هؤُلاءِ لا محالة بشديد عقابة جزاءَ تكذبيهم، وإِلاَّ فهل يستطيع الرسول ﷺ أَو غيره مهما علا سلطانه واشتد جبروته وقوى طغيانه أَن يحول بين الله وأَحد من خلقه؟!
١٣، ١٢ - ﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (١٢) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (١٣)﴾:
أَي: إِن عندنا ما ننتقم به منهم، وإِن لدينا قيودًا ثقيلة لا يستطيعون منها فكاكًا ولا معها تحركًا، كما أعتدنا لهم نارًا شديدة الاشتعال والاتقاد يلقون فيها وتسعر بهم، وهيأنا لهم طعامًا من الضريع والغسلين والزقوم يأخذ بالحلق يدخل ولا يخرج، كما أَن لهم نوعًا آخر من العذاب شديد الإِيلام لا يعرف كنهه ولا قدره إِلاَّ الله - عزَّ وجلَّ -.
١٤ - ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (١٤)﴾:
أَي: ننكل بالكافرين ونعذبهم يوم تضطرب الأَرض والجبال وتزلزل حتى تصير الجبال رملا مجتمعًا رخوًا لينا بعد أَن كانت صخرًا صلبًا وحجارة صماء.
هدد الله - سبحانه - المشركين وخوفهم بهذا العذاب الأَليم وذلك المآل المخزي يوم القيامة إِذا استمروا على شركهم وعنادهم.


الصفحة التالية
Icon