أَيضا في حديث سعد بن هشام عندما سأَل السيدة عائشة عن قيام رسول الله وقد سبق ذلك في أَول السورة.
٢ - وقيل: كان نفلا بدليل التخبير في المقدار، وبدليل قوله تعالى:
(وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ) (١).
٣ - وعن ابن عباس: سقط قيام الليل عن أَصحاب رسول الله ﷺ وصار تطوعًا وبقى ذلك فرضًا على رسول الله.
بقى هنا بحث: وهو أَن الإِمام أَبا حنيفة - رضي الله عنه - استدل بقوله تعالى: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ) على أَن - الفرض - في الصلاة مطلق قراءَة ما تيسر من القرآن لا الفاتحة بخصوصها - وهو ظاهر على القول بأَنه عبّر في الآية عن الصلاة بركنها وهو القراءة. كما عبر عنها بالسجود والقيام والركوع في مواضع - وقدّر ما تيسر من القرآن بآية.
وخص الشافعي ومالك وما تيسر من القرآن بالفاتحة واحتجوا على وجوب قراءَتها في الصلاة بحجج كثيرة، فعن أَبي هريرة عنه - عليه الصلاة والسلام - قال: "لا تجزيء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب" أهـ آلوسي مع التلخيص والتصرف (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى) استئناف مبين لحكمة أخرى غير ما تقدم من عسرة ضبط الأَوقات التي يطلب منكم قيام الليل فيها، أَي علم أَن الشأن سيكون منكم مرضى يشق عليهم الليل (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ).
أَي: وآخرون يسافرون في الأَرض وينتقلون بين أَجزائها للتجارة والعمل يطلبون رزق الله وخيره وقيام الليل يشق عليهم (وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَي: وآخرون يجاهدون في سبيل الله لإِعلاءِ كلمته ونشر دعوته. وفي قَرْنِ الْمُسَافرين لابتغاءِ فضل الله الطالبين للتجارة والعمل بالمجاهدين في سبيل الله إِشارة إِلى أَنهم كمثلهم في الأَجر وهكذا

(١) من الآية ٧٩ من سورة الإسراء.


الصفحة التالية
Icon